أَيْ شُعَيْبٌ (عَنْ أَبِيهِ أَيْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ) أَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو (لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُكُ هَذَا الْعَبْدَ بِخَمْسِينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ تُسَلِّفَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي مَتَاعٍ أَبِيعُهُ مِنْكَ إِلَى أَجَلٍ أَوْ يَقُولُ أَبِيعُكَهُ بِكَذَا عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيَكُونُ مَعْنَى السَّلَفِ الْقَرْضُ وَذَلِكَ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ يُقْرِضُهُ عَلَى أَنْ يُحَابِيَهُ (الْمُحَابَاةُ الْمُسَامَحَةُ وَالْمُسَاهَلَةُ لِيُحَابِيَهُ أَيْ لِيُسَامِحَهُ فِي الثَّمَنِ) فِي الثَّمَنِ فَيَدْخُلُ الثَّمَنُ فِي حَدِّ الْجَهَالَةِ وَلِأَنَّ كُلَّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا انْتَهَى
(وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ) قَالَ الْبَغَوِيُّ هُوَ أَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلِفٍ نَقْدًا أَوْ بِأَلْفَيْنِ نَسِيئَةً فَهَذَا بَيْعٌ وَاحِدٌ تَضَمَّنَ شَرْطَيْنِ يَخْتَلِفُ الْمَقْصُودُ فِيهِ بِاخْتِلَافِهِمَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ شَرْطَيْنِ وَشُرُوطٍ وَهَذَا التَّفْسِيرُ مَرْوِيٌّ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَبِي حَنِيفَةَ
وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَ بعتك ثوبي بكذا وعلى قصارته وخياطته فهذل فَاسِدٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ
وَقَالَ أَحْمَدُ إِنَّهُ صَحِيحٌ
وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فَقَالَ إِنْ شَرَطَ فِي الْبَيْعِ شَرْطًا وَاحِدًا صَحَّ وَإِنْ شَرَطَ شَرْطَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَصِحَّ فَيَصِحُّ مَثَلًا أَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ ثَوْبِي عَلَى أَنْ أَخِيطَهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنْ أُقَصِّرَهُ وَأَخِيطَهُ
وَمَذْهَبُ الْأَكْثَرِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالشَّرْطَيْنِ وَاتَّفَقُوا عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ مَا فِيهِ شَرْطَانِ
كَذَا فِي النَّيْلِ (وَلَا رِبْحَ مَا لَمْ يُضْمَنُ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ رِبْحَ سِلْعَةٍ لَمْ يضمنها
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه هَذَا الْحَدِيث أَصْل مِنْ أُصُول الْمُعَامَلَات وَهُوَ نَصّ فِي تَحْرِيم الْحِيَل الرِّبَوِيَّة وَقَدْ اِشْتَمَلَ عَلَى أَرْبَعَة أَحْكَام
الْحُكْم الْأَوَّل تَحْرِيم الشَّرْطَيْنِ فِي الْبَيْع وَقَدْ أَشْكَلَ عَلَى أَكْثَر الْفُقَهَاء مَعْنَاهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الشَّرْطَيْنِ إِنْ كَانَا فَاسِدَيْنِ فَالْوَاحِد حَرَام فَأَيّ فَائِدَة لِذِكْرِ الشَّرْطَيْنِ وَإِنْ كَانَا صَحِيحَيْنِ لَمْ يَحْرُمَا
فَقَالَ بن الْمُنْذِر قَالَ أَحْمَد وَإِسْحَاق فِيمَنْ اِشْتَرَى ثَوْبًا وَاشْتَرَطَ عَلَى الْبَائِع خِيَاطَته وَقَصَارَته أَوْ طَعَامًا وَاشْتَرَطَ طَحْنه وَحَمْله إِنْ شَرَطَ أَحَد هَذِهِ الْأَشْيَاء فَالْبَيْع جَائِز وَإِنْ شَرَطَ شَرْطَيْنِ فَالْبَيْع بَاطِل
وَهَذَا فَسَّرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْره عَنْ أَحْمَد فِي تَفْسِيره رِوَايَة ثَانِيَة حَكَاهَا الْأَثْرَم وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيهَا عَلَى أَنْ لَا يَبِيعهَا مِنْ أَحَد وَلَا يَطَأهَا فَفَسَّرَهُ بِالشَّرْطَيْنِ الفاسدين