مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ مَتَاعًا وَيَبِيعَهُ إِلَى آخَرَ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنَ الْبَائِعِ فَهَذَا الْبَيْعُ بَاطِلٌ وَرِبْحُهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِعَدَمِ الْقَبْضِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا لِتَصْرِيحِهِ بِذِكْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَيَكُونُ مَذْهَبُهُ فِي الِامْتِنَاعِ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ إِنَّمَا هُوَ الشَّكُّ فِي إِسْنَادِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَإِذَا صَحَّ بِذِكْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو انْتَفَى ذَلِكَ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَعَنْهُ رِوَايَة ثَالِثَة حَكَاهَا إِسْمَاعِيل بْن سَعِيد الشَّالَنْجِيّ عَنْهُ هُوَ أَنْ يَقُول إِذَا بِعْتهَا فَأَنَا أَحَقّ بِهَا بِالثَّمَنِ وَأَنْ تَخْدُمنِي سَنَة وَمَضْمُون هَذِهِ الرِّوَايَة أَنَّ الشَّرْطَيْنِ يَتَعَلَّقَانِ بِالْبَائِعِ فَيَبْقَى لَهُ فِيهَا عَلَقَتَانِ عَلَقَة قَبْل التَّسْلِيم وَهِيَ الْخِدْمَة وَعَلَقَة بَعْد الْبَيْع وَهِيَ كَوْنه أَحَقّ بِهَا
فَأَمَّا اِشْتِرَاط الْخِدْمَة فَيَصِحّ وَهُوَ اِسْتِثْنَاء مَنْفَعَة الْمَبِيع مُدَّة كَاسْتِثْنَاءِ رُكُوب الدَّابَّة وَنَحْوه وَأَمَّا شَرْط كَوْنه أَحَقّ بِهَا بِالثَّمَنِ فَقَالَ فِي رِوَايَة الْمَرْوَزِيِّ هُوَ فِي مَعْنَى حديث النبي لَا شَرْطَانِ فِي بَيْع يَعْنِي لِأَنَّهُ شَرَطَ أَنْ يَبِيعهُ إِيَّاهُ وَأَنْ يَكُون الْبَيْع بِالثَّمَنِ الْأَوَّل فَهُمَا شَرْطَانِ فِي بَيْع
وَرَوَى عَنْهُ إِسْمَاعِيل بْن سَعِيد جَوَاز هَذَا الْبَيْع وَتَأَوَّلَهُ بَعْض أَصْحَابنَا عَلَى جَوَازه فَسَاد الشَّرْط
وَحَمَلَ رِوَايَة الْمَرْوَزِيِّ عَلَى فَسَاد الشَّرْط وَحْده وَهُوَ تَأْوِيل بَعِيد وَنَصّ أَحْمَد يَأْبَاهُ
قَالَ إِسْمَاعِيل بن سعيد ذكرت لأحمد حديث بن مَسْعُود أَنَّهُ قَالَ اِبْتَعْت مِنْ اِمْرَأَتِي زَيْنَب الثَّقَفِيَّة جَارِيَة وَشَرَطْت لَهَا أَنِّي إِنْ بِعْتهَا فَهِيَ لَهَا بِالثَّمَنِ الَّذِي اِبْتَعْتهَا بِهِ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعُمَر فَقَالَ لَا تَقْرَبهَا وَلِأَحَدٍ فِيهَا شَرْط فَقَالَ أَحْمَد الْبَيْع جَائِز وَلَا تَقْرَبهَا لِأَنَّهُ كَانَ فِيهَا شَرْط وَاحِد لِلْمَرْأَةِ وَلَمْ يَقُلْ عُمَر فِي ذَلِكَ الْبَيْع إِنَّهُ فَاسِد
فَهَذَا يَدُلّ عَلَى تَصْحِيح أَحْمَد لِلشَّرْطِ مِنْ ثَلَاثَة أَوْجُه
أَحَدهَا أَنَّهُ قَالَ لَا تَقْرَبهَا وَلَوْ كَانَ الشَّرْط فَاسِدًا لَمْ يُمْنَع مِنْ قُرْبَانهَا
الثَّانِي أَنَّهُ عَلَّلَ ذَلِكَ بِالشَّرْطِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَانِع مِنْ الْقُرْبَان هُوَ الشَّرْط وأن وطئها يَتَضَمَّن إِبْطَال ذَلِكَ الشَّرْط لِأَنَّهَا قَدْ تَحْمِل فَيَمْتَنِع عَوْدهَا إِلَيْهَا
الثَّالِث أَنَّهُ قَالَ كَانَ فِيهَا شَرْط وَاحِد لِلْمَرْأَةِ فَذِكْره وَحْدَة الشَّرْط يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ صَحِيح عِنْده لِأَنَّ النَّهْي إِنَّمَا هُوَ عَنْ الشَّرْطَيْنِ