للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُلْتُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ بِاللَّفْظِ الَّذِي سَاقَهُ الْبَغَوِيُّ فِي الْمَصَابِيحِ وَعَزَاهُ مُخَرِّجُوهُ إِلَى أَبِي دَاوُدَ لَيْسَ فِي النُّسَخِ الَّتِي بِأَيْدِينَا مِنْ رِوَايَةِ اللُّؤْلُؤِيِّ فَلَعَلَّهُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ اللُّؤْلُؤِيِّ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(إِذَا أَصَابَ النَّاسَ مَوْتٌ) أَيْ بِسَبَبِ الْقَحْطِ أَوْ وَبَاءٌ مِنْ عُفُونَةِ هَوَاءٍ أَوْ غَيْرِهَا (يَكُونُ البيت فيه بالوصيف) قال الخطابي البيت ها هنا الْقَبْرُ وَالْوَصِيفُ الْخَادِمُ يُرِيدُ أَنَّ النَّاسَ يَشْتَغِلُونَ عَنْ دَفْنِ مَوْتَاهُمْ حَتَّى لَا يُوجَدَ فِيهِمْ من يحفر قبر الميت أو دفنه إِلَّا أَنْ يُعْطَى وَصِيفًا أَوْ قِيمَتَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ مَوَاضِعُ القبور عَنْهُمْ فَيَبْتَاعُونَ لِمَوْتَاهُمُ الْقُبُورَ كُلُّ قَبْرٍ بِوَصِيفٍ انْتَهَى

وَقَدْ تَعَقَّبَ التُّورْبَشْتِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي حَيْثُ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَوْتَ وَإِنِ اسْتَمَرَّ بِالْأَحْيَاءِ وَفَشَا فِيهِمْ كُلَّ الْفَشْوِ لَمْ يَنْتَهِ بِهِمْ إِلَى ذَلِكَ وَقَدْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْأَمْكِنَةَ

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَوْضِعِ الْقُبُورِ الْجَبَّانَةُ الْمَعْهُودَةُ وَقَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ بِأَنَّهُمْ لَا يَتَجَاوَزُونَ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ

قُلْتُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمَصَابِيحِ وَالْمِشْكَاةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا كَيْفَ بِكَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ مَوْتٌ يَبْلُغُ الْبَيْتَ الْعَبْدُ حَتَّى إِنَّهُ يُبَاعُ الْقَبْرُ بِالْعَبْدِ فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُؤَيِّدُ الْمَعْنَى الثَّانِي وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِأَنَّ الْحَدِيثَ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْبُيُوتَ تَصِيرُ رَخِيصَةً لِكَثْرَةِ الْمَوْتِ وَقِلَّةِ مَنْ يَسْكُنُهَا فَيُبَاعُ بَيْتٌ بِعَبْدٍ مَعَ أن قيمة البيت تكون أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى الْغَالِبِ الْمُتَعَارَفِ

وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَبْقَى فِي كُلِّ بَيْتٍ كَانَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا عَبْدٌ يَقُومُ بِمَصَالِحِ ضَعَفَةِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ

وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ يَحْتَمِلُهُمَا لَفْظُ الْمُؤَلِّفِ أَبِي دَاوُدَ

وَأَمَّا لَفْظُ الْمَصَابِيحِ وَالْمِشْكَاةِ الْمَذْكُورُ فَكَلَّا كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ

(يَعْنِي الْقَبْرَ) تَفْسِيرٌ لِلْبَيْتِ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ (وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) أَيْ بِحَالِي وَحَالِ غَيْرِي فِي تِلْكَ الْحَالِ وَسَائِرِ الْأَحْوَالِ (أَوْ قَالَ) لِلشَّكِّ (مَا خَارَ اللَّهُ) أَيِ اخْتَارَ (تَصَبَّرْ) قال القارىء بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ أَمْرٌ مِنْ بَابِ التَّفَعُّلِ وَفَى نُسْخَةٍ تَصْبِرُ مُضَارِعُ صَبَرَ عَلَى أَنَّهُ خبر بمعنى الْأَمْرِ (أَحْجَارُ الزَّيْتِ) قِيلَ هِيَ مَحَلَّةٌ بِالْمَدِينَةِ وَقِيلَ مَوْضِعٌ بِهَا

قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ هِيَ مِنَ الحرة التي

<<  <  ج: ص:  >  >>