كَانَتْ بِهَا الْوَقْعَةُ زَمَنَ يَزِيدَ وَالْأَمِيرُ عَلَى تِلْكَ الْجُيُوشِ الْعَاتِيَةِ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمُرِّيُّ الْمُسْتَبِيحُ بِحَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ نُزُولُهُ بِعَسْكَرِهِ فِي الْحَرَّةِ الْغَرْبِيَّةِ مِنَ الْمَدِينَةِ فَاسْتَبَاحَ حُرْمَتَهَا وَقَتَلَ رِجَالَهَا وَعَاثَ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقِيلَ خَمْسَةً فَلَا جَرَمَ أَنَّهُ انْمَاعَ كَمَا يَنْمَاعُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ وَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ بَيْنَ الْحَرَمَيْنِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (غَرِقَتْ بِالدَّمِ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَرِقَتْ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَزِمَتْ وَالْعُرُوقُ اللُّزُومُ (عَلَيْكَ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ) أَيِ الْزَمْ أَهْلَكَ وَعَشِيرَتَكَ الَّذِينَ أَنْتَ مِنْهُمْ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ الْإِمَامُ أَيِ الْزَمْ إِمَامَكَ وَمَنْ بَايَعْتَهُ (شَارَكْتَ الْقَوْمَ) أَيْ فِي الْأَثِمِ (إِذًا) بِالتَّنْوِينِ أَيْ إِذَا أَخَذْتَ السَّيْفَ وَوَضَعْتَهُ عَلَى عاتقك
قال بن الْمَلَكِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ شَارَكْتَ لِتَأْكِيدِ الزَّجْرِ عَنْ إِرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَإِلَّا فَالدَّفْعُ وَاجِبٌ
قَالَ القارىء وَالصَّوَابُ أَنَّ الدَّفْعَ جَائِزٌ إِذَا كَانَ الْخَصْمُ مُسْلِمًا إِنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ فَسَادٌ بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ كَافِرًا فَإِنَّهُ يَجِبُ الدَّفْعُ مَهْمَا أَمْكَنَ (أَنْ يَبْهَرَكَ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ يَغْلِبَكَ (شُعَاعُ السَّيْفِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيْ بَرِيقِهِ وَلَمَعَانِهِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ إِعْمَالِ السَّيْفِ (فَأَلْقِ ثَوْبَكَ عَلَى وَجْهِكِ) أَيْ لِئَلَّا تَرَى وَلَا تَفْزَعَ وَلَا تَجْزَعَ وَالْمَعْنَى لَا تُحَارِبْهُمْ وَإِنْ حَارَبُوكَ بَلِ اسْتَسْلِمْ نَفْسَكَ لِلْقَتْلِ (يَبُوءُ) أَيْ يَرْجِعُ الْقَاتِلُ (بِإِثْمِكَ) أَيْ بِإِثْمِ قَتْلِكَ (وَبِإِثْمِهِ) أَيْ وَبِسَائِرِ إِثْمِهِ (وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُشَعِّثَ) مَفْعُولٌ وَالْفَاعِلُ قَوْلُهُ غَيْرُ حَمَّادٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه بن مَاجَهْ
[٤٢٦٢] (إِنَّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ) أَيْ قُدَّامَكُمْ (كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ) مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا شَاعَتْ وَلَا يُعْرَفُ سَبُبُهَا وَلَا طَرِيقٌ لِلْخَلَاصِ مِنْهَا
قَالَ فِي النِّهَايَةِ قِطَعُ اللَّيْلِ طَائِفَةٌ مِنْهُ وَقِطْعَةٌ وَجَمْعُ الْقِطْعَةِ قِطَعٌ أَرَادَ فِتْنَةً مُظْلِمَةً سَوْدَاءَ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهَا انْتَهَى (يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا إِلَخْ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute