الْمَدِينَةِ مِنْكَ وَمِنْ أَصْحَابِكِ أَنْ تَخْرُجُوا فَتُفْسِدُوا على أصحاب محمد وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فَمِنْ لَفْظِهِ بِطَرَفِ الْمَدِينَةِ يُفْهَمُ أن واقعة الجمل غير مراد ها هنا بَلِ الْمُرَادُ خُرُوجُهُ لِلْخِلَافَةِ وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى قَدْ أَشَارَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِصَّةِ جَوَابِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَمْ ينتظم الْخِلَافَةِ عَلَيْهِ وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ سَاقِطٌ مِنْ هَذَا الْبَيْنِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ مُدَّةً يُعْتَدُّ بِهَا وَسُوءِ سِيرَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْحَافِظُ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ تَحْتَ قَوْلِهِ تعالى وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا بَعْدَ إِيرَادِ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مِنْ رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ الْبِشَارَةُ بِوُجُودِ اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً صَالِحًا يُقِيمُ الْحَقَّ وَيَعْدِلُ فِيهِمْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا تَوَالِيهِمْ وَتَتَابُعُ أَيَّامِهِمْ بَلْ قَدْ وُجِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ وَهُمُ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَمِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِلَا شَكٍّ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَبَعْضِ بَنِي الْعَبَّاسِ وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ وِلَايَتُهُمْ لَا مَحَالَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْهُمِ الْمَهْدِيُّ الْمُبَشَّرُ بِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الواردة بذكره أنه يواطىء اسمه اسم النبي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِيهِ فَيَمْلَأُ عَدْلًا وَقِسْطًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا وَلَيْسَ هَذَا بِالْمُنْتَظَرِ الَّذِي يَتَوَهَّمُ الرَّافِضَةُ وُجُودَهُ ثُمَّ ظُهُورَهُ مِنْ سِرْدَابِ سَامِرَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حَقِيقَةً ولا جود بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ هُوَ مِنْ هَوَسِ الْعُقُولِ السَّخِيفَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَؤُلَاءِ الْخُلَفَاءِ الِاثْنَيْ عَشَرَ الْأَئِمَّةَ الَّذِينَ يَعْتَقِدُ فِيهِمُ الِاثْنَا عَشْرِيَّةِ مِنَ الرَّوَافِضِ لِجَهْلِهِمْ وَقِلَّةِ عَقْلِهِمُ انْتَهَى
قُلْتُ زَعَمَتِ الشِّيعَةُ خُصُوصًا الْإِمَامِيَّةَ مِنْهُمْ أَنَّ الْإِمَامَ الْحَقَّ بَعْدَ رسول الله عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ ابْنُهُ الْحَسَنُ ثُمَّ أَخُوهُ الْحُسَيْنُ ثُمَّ ابْنُهُ عَلِيٌّ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ ثُمَّ ابْنُهُ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ ثُمَّ ابْنُهُ مُوسَى الْكَاظِمُ ثُمَّ ابْنُهُ عَلِيٌّ الرِّضَا ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ التَّقِيُّ ثُمَّ ابْنُهُ عَلِيٌّ النَّقِيُّ ثُمَّ ابْنُهُ الْحَسَنُ الْعَسْكَرِيُّ ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ الْمَهْدِيُّ وَزَعَمُوا أَنَّهُ قَدِ اخْتَفَى خَوْفًا مِنْ أَعْدَائِهِ وَسَيَظْهَرُ فَيَمْلَأُ الدُّنْيَا قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا وَلَا امْتِنَاعَ فِي طُولِ عُمْرِهِ وَامْتِدَادِ أَيَّامِ حَيَاتِهِ كَعِيسَى وَالْخَضِرِ
وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ اخْتِفَاءَ الْإِمَامِ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ فِي عَدَمِ حُصُولِ الْأَغْرَاضِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْ وُجُودِ الْإِمَامِ وَإِنَّ خَوْفَهُ مِنَ الْأَعْدَاءِ لَا يُوجِبُ الِاخْتِفَاءَ بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ مِنْهُ إِلَّا الِاسْمُ بَلْ غَايَةُ الأمران يُوجِبَ اخْتِفَاءَ دَعْوَى الْإِمَامَةِ كَمَا فِي حَقِّ آبَائِهِ الَّذِينَ كَانُوا ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ وَلَا يَدَّعُونَ الْإِمَامَةَ وَأَيْضًا فَعِنْدَ فَسَادِ الزَّمَانِ وَاخْتِلَافِ الْآرَاءِ وَاسْتِيلَاءِ الظَّلَمَةِ احْتِيَاجُ النَّاسِ إِلَى الْإِمَامِ أشد وَانْقِيَادُهُمْ لَهُ أَسْهَلُ كَذَا فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ
قُلْتُ لَا شَكَّ فِي أَنَّ مَا زَعَمَتِ الشِّيعَةُ مِنْ أَنَّ الْمَهْدِيَّ الْمُبَشَّرَ بِهِ فِي الْأَحَادِيثِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيُّ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ وَأَنَّهُ مُخْتَفٍ وَسَيَظْهَرُ هِيَ عَقِيدَةٌ بَاطِلَةٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ
وَيَقْرَبُ مِنْ هَذَا مَا زَعَمَ أَكْثَرُ الْعَوَامِّ وَبَعْضُ الْخَوَاصِّ فِي حَقِّ الْغَازِي الشَّهِيدِ الْإِمَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute