للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السَّرِقَةِ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَاتِ فَإِنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ مَعَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْأَئِمَّةِ قَالُوا هَذِهِ الرِّوَايَةُ شَاذَّةٌ فَإِنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِجَمَاهِيرِ الرُّوَاةِ وَالشَّاذَّةُ لَا يُعْمَلُ بِهَا

قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرِ السَّرِقَةَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا عِنْدَ الرَّاوِي ذِكْرُ مَنْعِ الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ لَا الْإِخْبَارُ عَنِ السَّرِقَةِ

قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ جَحَدَ الْعَارِيَةَ وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيثَ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْتُهُ

وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يَجِبُ الْقَطْعُ فِي ذَلِكَ انْتَهَى (وَقَصَّ) أَيْ ذَكَرَ وَبَيَّنَ (نَحْوَ حَدِيثِ اللَّيْثِ) يَعْنِي الْحَدِيثَ الَّذِي قَبْلَهُ (فَقَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهَا) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ ثُمَّ أَمَرَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَقُطِعَتْ يَدُهَا

وفي حديث بن عُمَرَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ قُمْ يَا بِلَالُ فَخُذْ بيدها فاقطعها

ففي رواية ابي داود مجار

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (وَقَالَ فِيهِ كَمَا قَالَ اللَّيْثُ إِنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ إِلَخْ) حَاصِلُهُ أن بن وَهْبٍ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ وَذَكَرَ فِيهِ السَّرِقَةَ دُونَ الِاسْتِعَارَةِ مِثْلَ رِوَايَةِ اللَّيْثِ الْمُتَقَدِّمَةِ (فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ) أَيْ فَتْحِ مَكَّةَ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

تستعير متاعا وتجحده فرفعت إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكلم فيها فقال لو كانت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها ذكره النسائي

ورواه بشر بن شعيب أخبرني أبي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت استعارت امرأة على ألسنة أناس يعرفون وهي لا تعرف حليا فباعته وأخذت ثمنه فأتى بِهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكر الحديث وقال في آخره ثم قطع تلك المرأة ذكره النسائي أيضا

ورواه هشام عن قتادة عن سعيد بن يزيد عن سعيد بن المسيب أن امرأة من بني مخزوم استعارت حليا على لسان أناس فجحدته فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فقطعت ذكره النسائي أيضا

فقد صح الحديث ولله الحمد

ولا تنافي بين ذكر جحد العارية وبين السرقة فإن ذلك داخل في اسم السرقة

فإن هؤلاء الذين قالوا إنها جحدت العارية وذكروا أن قطعها لهذا السبب قالوا إنها سرقت فأطلقوا على ذلك اسم السرقة

فثبت لغة أن فاعل ذلك سارق وثبت شرعا أن حده قطع اليد

وهذه الطريقة أولى من سلوك طريقة القياس في اللغة فيثبت كون الخائن سارقا لغة قياسا على السارق ثم يثبت الحكم فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>