الشَّرْعِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى اجْتِنَابِ الْقَبِيحِ وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ ذِي الْحَقِّ وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ كَالدَّاعِي إِلَى بَاقِي الشُّعَبِ إذا الْحَيِيُّ يَخَافُ فَضِيحَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَيَأْتَمِرُ وَيَنْزَجِرُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ الْإِيمَانَ الشَّرْعِيَّ اسْمٌ بِمَعْنَى ذِي شُعَبٍ وَأَجْزَاءٍ لَهَا أَعْلَى وَأَدْنَى وَأَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ وَزِيَادَةٌ وَنُقْصَانٌ فَالِاسْمُ يَتَعَلَّقُ بِبَعْضِهَا كَمَا يَتَعَلَّقُ بِكُلِّهَا وَالْحَقِيقَةُ تَقْتَضِي جَمِيعَ شُعَبِهَا وَتَسْتَوْفِي جُمْلَةَ أَجْزَائِهَا كَالصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ لَهَا شُعَبٌ وَأَجْزَاءٌ وَالِاسْمُ يَتَعَلَّقُ بِبَعْضِهَا وَالْحَقِيقَةُ تَقْتَضِي جَمِيعَ أَجْزَائِهَا وَتَسْتَوْفِيهَا ويدل على
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
أَنْ تَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وأن محمدا رسول الله وَتُقِيم الصَّلَاة وَتُؤْتِي الزَّكَاة وَتَصُوم رَمَضَان وَتَحُجّ الْبَيْت إِنْ اِسْتَطَعْت إِلَيْهِ سَبِيلًا
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث طَلْحَة بْن عُبَيْد اللَّه جَاءَ رَجُل مِنْ أَهْل نَجْد ثَائِر الرَّأْس نَسْمَع دَوِيّ صَوْته وَلَا نَفَقه مَا يَقُول حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَإِذَا هُوَ يَسْأَل عَنْ الْإِسْلَام فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْس صَلَوَات فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة الْحَدِيث
وَفِي مُسْنَد الإمام أحمد عن بن عمر رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَام شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّ محمد رسول الله وَإِقَام الصَّلَاة وَإِيتَاء الزَّكَاة وَصَوْم رَمَضَان وَحَجّ الْبَيْت
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيّ الْإِسْلَام خَيْر قَالَ تُطْعِم الطَّعَام
وَتَقْرَأ السَّلَام عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِف
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِن عَبْد حَتَّى يُحِبّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبّ لِنَفْسِهِ وَقَالَ مُسْلِم حَتَّى يُحِبّ لِجَارِهِ أَوْ قَالَ لِأَخِيهِ
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَس أَيْضًا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُؤْمِن أَحَدكُمْ حَتَّى أَكُون أَحَبّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِده وَوَلَده وَالنَّاس أَجْمَعِينَ وَقَالَ مُسْلِم مِنْ أَهْله وَمَاله وَالنَّاس أَجْمَعِينَ
وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي سَعِيد الخدري رضي الله عنه قَالَ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَف الْإِيمَان
وَفِي صَحِيح مُسْلِم أَيْضًا عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا مِنْ نَبِيّ بَعَثَهُ اللَّه فِي أُمَّته قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّته حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَاب يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ
ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُف مِنْ بَعْدهمْ خُلُوف يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ
فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِن
وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِن
وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِن
لَيْسَ وَرَاء ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَان حَبَّة خَرْدَل
وَفِي التِّرْمِذِيّ عَنْ أَبِي مَرْحُوم عَنْ سَهْل بْن مُعَاذ بْن أَنَس الْجُهَنِيّ عَنْ أَبِيهِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ وَأَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَنْكَحَ لِلَّهِ فَقَدْ اِسْتَكْمَلَ إِيمَانه وَأَبُو مَرْحُوم وَسَهْل قَدْ ضُعِّفَا