صِحَّةِ ذَلِكَ قَوْلُهُ الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ فَأَخْبَرَ أَنَّ الْحَيَاءَ أَحَدُ الشُّعَبِ وَفِيهِ إِثْبَاتُ التَّفَاصِيلِ فِي الْإِيمَانِ وَتَبَايُنُ الْمُؤْمِنِينَ فِي دَرَجَاتِهِمُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ
(إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ) الْوَفْدُ جَمْعُ وَافِدٍ وَهُوَ الَّذِي أَتَى إِلَى الْأَمِيرِ بِرِسَالَةٍ مِنْ قَوْمٍ وَقِيلَ رَهْطٌ كِرَامٌ وَعَبْدُ الْقَيْسِ أَبُو قَبِيلَةٍ عَظِيمَةٍ تَنْتَهِي إِلَى رَبِيعَةَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ (لَمَّا قَدِمُوا) أَيْ أَتَوْا (وَأَنْ تُعْطُوا الْخُمُسَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِهَا (مِنَ الْمَغْنَمِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالنُّونِ أَيِ الْغَنِيمَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
(بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ) مُبْتَدَأٌ وَالظَّرْفُ خَبَرُهُ وَمُتَعَلِّقُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ تَرْكُ الصَّلَاةِ وَصْلَةٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ
وَالْمَعْنَى يُوصِلُهُ إِلَيْهِ
وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ زَالَ الْإِشْكَالُ فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ أَنَّ الْحَاجِزَ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ فِعْلُ الصَّلَاةِ لَا تَرْكُهَا قَالَهُ الْعَزِيزِيُّ
وَاخْتُلِفَ فِي تَكْفِيرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ الْفَرْضِ عَمْدًا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ ترك الصلاة وقال بن مَسْعُودٍ تَرْكُهَا كُفْرٌ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى تَرْكِهَا جُحُودًا أَوْ عَلَى الزَّجْرِ وَالْوَعِيدِ
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَمَكْحُولٌ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ تَارِكُ الصَّلَاةِ كَالْمُرْتَدِّ وَلَا يَخْرُجُ مِنَ الدِّينِ
وَقَالَ صَاحِبُ الرَّأْيِ لَا يُقْتَلُ بَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ السُّنَّةِ
وَقَدْ أَطَالَ الكلام في هذه المسألة الإمام بن الْقَيِّمِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لَهُ فَأَطَابَ وَأَحْسَنَ وأجاد