الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكَلَّفًا وَتَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُ مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا وَأَجَابَ الْعُلَمَاءُ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ نَهَاهَا عَنِ الْمُسَارَعَةِ إِلَى الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهَا دَلِيلٌ قَاطِعٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّةِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
(كُلُّ مَوْلُودٍ) أَيْ مِنْ بَنِي آدَمَ (يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ) اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْمُرَادِ بِالْفِطْرَةِ عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ وَأَشْهَرُ الْأَقْوَالِ أَنَّ المراد بالفطرة الإسلام
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ عَامَّةِ السَّلَفِ (يُهَوِّدَانِهِ) أَيْ يُعَلِّمَانِهِ الْيَهُودِيَّةَ وَيَجْعَلَانِهِ يَهُودِيًّا (وَيُنَصِّرَانِهِ) أَيْ يُعَلِّمَانِهِ النَّصْرَانِيَّةَ وَيَجْعَلَانِهِ نَصْرَانِيًّا (كَمَا تَنَاتَجُ الْإِبِلُ) أَيْ تَلِدُ (جَمْعَاءَ) أَيْ سَلِيمَةِ الْأَعْضَاءِ كَامِلَتِهَا (هَلْ تُحِسُّ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَقِيلَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْحَاءِ أَيْ هَلْ تُدْرِكُ
قَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أي سليمة مقولا في حقها ذلك (في جدعاء) أي مقطوعة الأذن
والمعنى أن البهيمة أول
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَأَمَّا مُسْلِم فَأَوْرَدَهُ فِي صَحِيحه كَمَا تَقَدَّمَ
ومن انتصر للحديث وصحيحه يَقُول الْإِنْكَار مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَائِشَة إِنَّمَا كَانَ لِشَهَادَتِهَا لِلطِّفْلِ الْمُعَيَّن بِأَنَّهُ فِي الْجَنَّة كَالشَّهَادَةِ لِلْمُسْلِمِ الْمُعَيَّن فَإِنَّ الطِّفْل تَبَع لِأَبَوَيْهِ فَإِذَا كَانَ أَبَوَاهُ لَا يُشْهَد لَهُمَا بِالْجَنَّةِ فَكَيْف يُشْهَد لِلطِّفْلِ التَّابِع لَهُمَا
وَالْإِجْمَاع إِنَّمَا هُوَ عَلَى أَنَّ أَطْفَال الْمُسْلِمِينَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَة مَعَ آبَائِهِمْ فَيَجِب الْفَرْق بَيْن الْمُعَيَّن وَالْمُطْلَق
وَفِي صَحِيح أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن ضَمْرَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَرَارِيّ الْمُؤْمِنِينَ يكفلهم إبراهيم صلى الله عليه وسلم فِي الْجَنَّة
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَنْ سَمُرَة بْن جُنْدُب قَالَ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يُكْثِر أَنْ يَقُول لِأَصْحَابِهِ هَلْ رَأَى أَحَد مِنْكُمْ رُؤْيَا قَالَ فَيَقُصّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّه أَنْ يَقُصّ وَإِنَّهُ قَالَ لَنَا ذَات غَدَاة أَتَانِي اللَّيْلَة آتِيَانِ فَذَكَرَ حَدِيث الرُّؤْيَا بِطُولِهِ إِلَى أَنْ قَالَ فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَة مُعْتِمَة مِنْ كُلّ لَوْن الرَّبِيع وَإِذَا بَيْن ظَهْرَيْ الرَّوْضَة رَجُل طَوِيل لَا أَكَاد أَرَى رَأْسه طُولًا فِي السَّمَاء وَإِذَا حَوْل الرَّجُل أَكْثَر وِلْدَان رَأَيْتهمْ قَطّ وَقَالَ فِيهِ وَأَمَّا الرَّجُل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم صلى الله عليه وسلم وَأَمَّا الْوِلْدَان الَّذِينَ حَوْله فَكُلّ مَوْلُود مَاتَ عَلَى الْفِطْرَة قَالَ فَقَالَ بَعْض الْمُسْلِمِينَ يَا رَسُول اللَّه وَأَوْلَاد الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَوْلَاد الْمُشْرِكِينَ