وَأَمَّا قَوْلُكُمْ تَفَرَّدَ بِهِ يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الصَّحِيحِ فَهَذَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ فَإِنَّ يَعْقُوبَ ثِقَةٌ لَمْ يُضَعِّفْهُ أَحَدٌ وَكَمْ مِنْ ثِقَةٍ قَدِ احْتُجَّ بِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُخَرَّجٍ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ عَنْ تَفَرُّدِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ
وَأَمَّا قولكم أن بن إِسْحَاقَ اضْطُرِبَ فِيهِ فَقَدِ اتَّفَقَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الحفاظ عبد الأعلى وبن المثنى وبن بَشَّارٍ عَلَى وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عن بن إِسْحَاقَ أَنَّهُ حَدَّثَ بِهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ وَجُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ وَخَالَفَهُمْ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمْيَاطِيُّ فَقَالَ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ جُبَيْرٍ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الثَّلَاثَةُ أَوْلَى وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ يَعْقُوبُ رَوَاهُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ محمد فسمعه منه بن إِسْحَاقَ ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ جُبَيْرٍ نَفْسِهِ فَحَدَّثَ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْوَاوَ غَلَطٌ وَإِنَّ الصَّوَابَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
أَهْل السَّمَاء وَأَنَّهُ سُبْحَانه فِي الْأَرْض إِلَه مَعْبُود مُسْتَحِقّ لِلْعِبَادَةِ مِنْ أَهْل الْأَرْض
وَكَذَلِكَ قَالَ أَهْل الْعِلْم بِالتَّفْسِيرِ وَظَاهِر التَّنْزِيل يَشْهَد أَنَّهُ عَلَى الْعَرْش
وَالِاخْتِلَاف فِي ذَلِكَ سَاقِط
وَأَسْعَد النَّاس بِهِ مَنْ سَاعَدَهُ الظَّاهِر
وَأَمَّا قَوْله {وَفِي الْأَرْض إِلَه} فَالْإِجْمَاع وَالِاتِّفَاق قَدْ بَيَّنَ الْمُرَاد أَنَّهُ مَعْبُود مِنْ أَهْل الْأَرْض
فَتَدَبَّرْ هَذَا فَإِنَّهُ قَاطِع
وَمِنْ الْحُجَّة أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى الْعَرْش فَوْق السَّمَاوَات أَنَّ الْمُوَحِّدِينَ أَجْمَعِينَ مِنْ الْعَرَب وَالْعَجَم إِذَا كَرَبَهُمْ أَمْر أَوْ نَزَلَتْ بِهِمْ شِدَّة رَفَعُوا أَيْدِيهمْ وَوُجُوههمْ إِلَى السَّمَاء فَيَسْتَغِيثُونَ رَبّهمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
وَهَذَا أَشْهَر عِنْد الْعَامَّة وَالْخَاصَّة مِنْ أَنْ يُحْتَاج فِيهِ إِلَى أَكْثَر مِنْ حِكَايَته
لِأَنَّهُ اِضْطِرَار لَمْ يُوقِفهُمْ عَلَيْهِ أَحَد وَلَا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ مُسْلِم
وَقَدْ قَالَ النَّبِيّ لِلْأَمَةِ الَّتِي أَرَادَ مَوْلَاهَا عِتْقهَا
فَاخْتَبَرَهَا رَسُول الله لِيَعْلَم إِنْ كَانَتْ مُؤْمِنَة أَمْ لَا
فَقَالَ لَهَا أَيْنَ اللَّه فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ قَالَ لَهَا مَنْ أَنَا قَالَتْ رَسُول اللَّه
قَالَ اِعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَة
فَاكْتَفَى رَسُول اللَّه بِرَفْعِهَا رَأْسهَا إِلَى السَّمَاء وَاسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَمَّا سِوَاهُ
هَذَا لَفْظ أَبِي عُمَر فِي الِاسْتِذْكَار
وَذَكَرَهُ فِي التَّمْهِيد أَطْوَل مِنْهُ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الْحَافِظ وَأَبُو سَعِيد بْن أَبِي عَمْرو حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بْنُ يَعْقُوب حَدَّثَنَا هَارُون بْن سُلَيْمَان حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ عَاصِم عَنْ زِرّ بْن حُبَيْشٍ عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ بَيْن سَمَاء الدُّنْيَا وَاَلَّتِي تَلِيهَا خَمْسمِائَةِ عَام وَبَيْن كُلّ سَمَاء خَمْسمِائَةِ عَام وَبَيْن السَّمَاء السَّابِعَة وَالْكُرْسِيّ خَمْسمِائَةِ عَام وَبَيْن الْكُرْسِيّ وَبَيْن الْمَاء خَمْسمِائَةِ عَام وَالْكُرْسِيّ فَوْق الْمَاء
وَاَللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَوْق الْكُرْسِيّ وَيَعْلَم مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ