وقال يعقوب بن شيبة سألت بن المديني عن بن إِسْحَاقَ قَالَ حَدِيثُهُ عِنْدِي صَحِيحٌ قُلْتُ فَكَلَامُ مَالِكٍ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ لَمْ يُجَالِسْهُ وَلَمْ يَعْرِفْهُ وَأَيُّ شَيْءٍ حَدَّثَ بِالْمَدِينَةِ
قُلْتُ فَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ قَالَ الَّذِي قَالَ هِشَامٌ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لَعَلَّهُ دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهُوَ غُلَامٌ فَسَمِعَ مِنْهَا فَإِنَّ حَدِيثَهُ يستبين فيه الصدق يروي مرة حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ وَمَرَّةً ذَكَرَ أَبُو الزِّنَادِ وَيَقُولُ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فِي سَلَفٍ وَبَيْعٍ وَهُوَ أَرْوَى النَّاسِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
وَأَمَّا قَوْلُكُمْ إِنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِسَمَاعِهِ مِنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ فَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ الْعِلْمِ بِهَذَا النَّفْيِ لَا يَخْرُجُ الْحَدِيثُ عَنْ كَوْنِهِ حَسَنًا فَإِنَّهُ قَدْ لَقِيَ يَعْقُوبَ وَسَمِعَ مِنْهُ وَفِي الصَّحِيحِ قِطْعَةٌ مِنَ الِاحْتِجَاجِ بِعَنْعَنَةِ الْمُدَلِّسِ كَأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَسُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ لِذَلِكَ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
فَأَوْرَدْتهمْ مَأْسَفًا قَعْره وَقَدْ حَلَّقَ النَّجْم الْيَمَانِيّ فَاسْتَوَى وَهَذَا لَا يَجُوز أَنْ يَتَأَوَّل فِيهِ أَحَد أَنَّ مَعْنَاهُ اِسْتَوْلَى
لِأَنَّ النَّجْم لَا يَسْتَوْلِي
وَقَدْ ذَكَرَ النَّضْر بْن شُمَيْلٍ وَكَانَ ثِقَة مَأْمُونًا جَلِيلًا فِي عِلْم الدِّيَانَة وَاللُّغَة قَالَ حَدَّثَنِي الْخَلِيل وَحَسْبك بِالْخَلِيلِ قَالَ أَتَيْت أَبَا رَبِيعَة الْأَعْرَابِيّ وَكَانَ مِنْ أَعْلَم مَنْ رَأَيْت فَإِذَا هُوَ عَلَى سَطْح فَسَلَّمْنَا فَرَدَّ عَلَيْنَا السَّلَام وَقَالَ لَنَا اِسْتَوُوا
فَبَقِينَا مُتَحَيِّرِينَ
وَلَمْ نُدْرِك مَا قَالَ
فَقَالَ لَنَا أَعْرَابِيّ إِلَى جَنْبه أَمَرَكُمْ أَنْ تَرْتَفِعُوا
قَالَ الْخَلِيل هُوَ مِنْ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ {ثُمَّ اِسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَان} فَصَعِدْنَا إِلَيْهِ
وَأَمَّا مَنْ نَزَعَ مِنْهُمْ بِحَدِيثِ عَبْد اللَّه بن واقد الواسطي بإسناده عن بن عَبَّاس الرَّحْمَن عَلَى الْعَرْش اِسْتَوَى اِسْتَوْلَى عَلَى جَمِيع بَرِيَّته فَلَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَان
فَالْجَوَاب أَنَّ هَذَا حَدِيث مُنْكَر وَنَقَلَته مَجْهُولُونَ ضُعَفَاء وَهُمْ لَا يَقْبَلُونَ أَخْبَار الْآحَاد الْعُدُول
فَكَيْف يَسُوغ لَهُمْ الِاحْتِجَاج بِمِثْلِ هَذَا مِنْ الْحَدِيث لَوْ عَقَلُوا أَوْ أَنْصَفُوا أَمَا سَمِعُوا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَقُول {وَقَالَ فِرْعَوْن يَا هَامَان اِبْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغ الْأَسْبَاب أَسْبَاب السَّمَاوَات فَأَطَّلِع إِلَى إِلَه مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنّهُ كَاذِبًا} فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُوسَى كَانَ يَقُول إِلَهِي فِي السَّمَاء وَفِرْعَوْن يَظُنّهُ كَاذِبًا
وَقَالَ أُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت فَسُبْحَان مَنْ لَا يُقَدِّر الْخَلْق قَدْره وَمَنْ هُوَ فَوْق الْعَرْش فَرْد مُوَحَّد مَلِيك عَلَى عَرْش السَّمَاء مُهَيْمِن لِعِزَّتِهِ تَعْنُو الْوُجُوه وَتَسْجُد قَالَ أَبُو عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ وَإِنْ اِحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَه وَفِي الْأَرْض إِلَه} وَبِقَوْلِهِ {وَهُوَ اللَّه فِي السَّمَاوَات وَفِي الْأَرْض} وَبِقَوْلِهِ {مَا يَكُون مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَة إِلَّا هُوَ رَابِعهمْ} الْآيَة
قِيلَ لَهُمْ لَا خِلَاف بَيْننَا وَبَيْنكُمْ وَبَيْن سَائِر الْأُمَّة أَنَّهُ سُبْحَانه لَيْسَ فِي الْأَرْض دُون السَّمَاء
فَوَجَبَ حَمْل هَذِهِ الْآيَة عَلَى الْمَعْنَى الصَّحِيح الْمُجْمَع عَلَيْهِ
وَذَلِكَ أَنَّهُ سُبْحَانه فِي السَّمَاء إِلَه معبود من