للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَأَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ اهْتِمَامُهُمْ بِهِ فَوْقَ اهْتِمَامِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَإِذَا انْصَرَمَ عَصْرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى الْإِضْرَابِ عَنِ التَّأْوِيلِ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْوَجْهُ الْمُتَّبَعُ انْتَهَى

وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ عَنْ أَهْلِ الْعَصْرِ الثَّالِثِ وَهُمْ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ كَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَمَنْ عَاصَرَهُمْ وَكَذَا مَنْ أَخَذَ عَنْهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ فَكَيْفَ لَا يُوثَقُ بِمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ بِشَهَادَةِ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ رَحِمَهُ اللَّهُ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

فِي كُلّ مَكَان وَجَحَدُوا أَنْ يَكُون اللَّه عَلَى عَرْشه كَمَا قَالَ أَهْل الْحَقّ

وَذَهَبُوا فِي الِاسْتِوَاء إِلَى الْقُدْرَة

وَلَوْ كَانَ هَذَا كَمَا قَالُوا لَكَانَ لَا فَرْق بَيْن الْعَرْش وَالْأَرْض السَّابِعَة لِأَنَّ اللَّه قَادِر عَلَى كُلّ شَيْء

وَالْأَرْض فَاَللَّه قَادِر عَلَيْهَا وَعَلَى الْحُشُوش وَعَلَى كُلّ مَا فِي الْعَالَم فَاَللَّه تَعَالَى لَوْ كَانَ مُسْتَوِيًا عَلَى الْعَرْش بِمَعْنَى الِاسْتِيلَاء فَهُوَ عَلَا وَعَزَّ مُسْتَوٍ عَلَى الْأَشْيَاء كُلّهَا عَلَى الْعَرْش وَعَلَى الْأَرْض وَعَلَى السَّمَاء وَعَلَى الْحُشُوش وَعَلَى الْأَقْذَار تَعَالَى اللَّه لِأَنَّهُ قَادِر عَلَى الْأَشْيَاء كُلّهَا مُسْتَوْلٍ عَلَيْهَا وَإِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْأَشْيَاء كُلّهَا وَلَمْ يَجُزْ عِنْد أَحَد مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ اللَّه مُسْتَوٍ عَلَى الْحُشُوش وَالْأَخْلِيَة لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُون الِاسْتِوَاء عَلَى الْعَرْش الِاسْتِيلَاء الَّذِي هُوَ عَامّ فِي الْأَشْيَاء كُلّهَا

وَوَجَبَ أَنْ يَكُون مَعْنَى الِاسْتِوَاء عَلَى الْعَرْش مَعْنًى يَخْتَصّ الْعَرْش دُون الْأَشْيَاء كُلّهَا

ثُمَّ ذَكَرَ دَلَالَات مِنْ الْقُرْآن وَالْحَدِيث وَالْعَقْل وَالْإِجْمَاع

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن الطَّيِّب الْأَشْعَرِيّ فِي كِتَاب الْإِبَانَة لَهُ أَيْضًا فَإِنْ قَالَ قَائِل أَتَقُولُونَ إِنَّهُ فِي كُلّ مَكَان

قِيلَ لَهُ مَعَاذ اللَّه بَلْ هُوَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشه كَمَا أَخْبَرَ فِي كِتَابه فَقَالَ {الرَّحْمَن عَلَى الْعَرْش اِسْتَوَى} وَقَالَ {إِلَيْهِ يَصْعَد الْكَلِم الطَّيِّب وَالْعَمَل الصَّالِح يَرْفَعهُ} وَقَالَ {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء أَنْ يَخْسِف بِكُمْ الْأَرْض}

قَالَ وَلَوْ كَانَ فِي كُلّ مَكَان لَكَانَ فِي بَطْن الْإِنْسَان وَفَمه وَالْحُشُوش وَالْمَوَاضِع الَّتِي يُرْغَب عَنْ ذِكْرهَا وَلَوَجَبَ أَنْ يَزِيد بِزِيَادَةِ الْأَمْكِنَة إِذَا خَلَقَ مِنْهَا مَا لَمْ يَكُنْ وَيَنْقُص بِنُقْصَانِهَا إِذَا بَطَلَ مِنْهَا مَا كَانَ وَيَصِحّ أَنْ نَرْغَب إِلَى اللَّه نَحْو الْأَرْض وَإِلَى خَلْفنَا وَإِلَى يَمِيننَا وَإِلَى شِمَالنَا

وَهَذَا قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى خِلَافه

وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو نُعَيْم الْأَصْبَهَانِيّ فِي عَقِيدَته طَرِيقَتنَا طَرِيقَة الْمُتَّبِعِينَ لِكِتَابِ اللَّه وَلِسُنَّةِ رَسُول الله

وَإِجْمَاع الْأُمَّة فِيمَا اِعْتَقَدُوهُ أَنَّ الْأَحَادِيث الَّتِي ثبتت عن رسول الله فِي الْعَرْش وَاسْتِوَاء اللَّه تَعَالَى يَقُولُونَ بِهَا وَيُثْبِتُونَهَا مِنْ غَيْر تَكْيِيف وَلَا تَمْثِيل وَلَا تَشْبِيه وَلَا تَعْطِيل وَأَنَّ اللَّه بَائِن مِنْ خَلْقه وَالْخَلْق بَائِنُونَ مِنْهُ وَلَيْسَ هُوَ حَالّ فِيهِمْ وَلَا مُمْتَزِج فِيهِمْ

وَهُوَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشه فِي سَمَائِهِ دُون أَرْضه وَخَلْقه

وَقَدْ تَقَدَّمَ حِكَايَة كَلَام أَبِي عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ فِي كِتَاب الِاسْتِذْكَار

وَقَالَ فِي التَّمْهِيد لَمَّا ذَكَرَ حَدِيث النُّزُول

هَذَا حَدِيث ثَابِت النَّقْل مِنْ جِهَة الْإِسْنَاد وَلَمْ يَخْتَلِف

<<  <  ج: ص:  >  >>