وقال وتعلقوا بقوله تعالى لا تدركه الأبصار وبقوله تعالى لموسى لن تراني وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ فِي الدُّنْيَا جَمْعًا بَيْنَ دَلِيلَيِ الْآيَتَيْنِ وَبِأَنَّ نَفْيَّ الْإِدْرَاكِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَّ الرُّؤْيَةِ لِإِمْكَانِ رُؤْيَةِ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ إِحَاطَةٍ بِحَقِيقَتِهِ
وَعَنِ الثَّانِي الْمُرَادُ لَنْ تَرَانِي فِي الدُّنْيَا جَمْعًا أَيْضًا وَلِأَنَّ نَفْيَ الشَّيْءِ لَا يَقْتَضِي إِحَالَتَهُ مَعَ مَا جَاءَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ عَلَى وَفْقِ الْآيَةِ وَقَدْ تَلَقَّاهَا الْمُسْلِمُونَ بِالْقَبُولِ مِنْ لَدُنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ حَتَّى حَدَثَ مَنْ أَنْكَرَ الرُّؤْيَةَ وَخَالَفَ السَّلَفَ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
وَقَدْ أَوْرَدَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ لِإِثْبَاتِهَا أَحَدَ عَشَرَ حَدِيثًا
(جُلُوسًا) بِالضَّمِّ أَيْ جَالِسِينَ (لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ) بَدَلٌ مِنْ مَا قَبْلَهُ (إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ) أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (كَمَا تَرَوْنَ هَذَا) أَيِ الْقَمَرَ (لَا تُضَامُّونَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ هُوَ مِنَ الِانْضِمَامِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ صُهَيْب عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَ أَهْل الْجَنَّة الْجَنَّة يَقُول اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّض وُجُوهنَا ألم تدخلنا الجنة وتنجينا مِنْ النَّار قَالَ فَيَكْشِف الْحِجَاب فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَر إِلَى رَبّهمْ عَزَّ وَجَلَّ
ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَة (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة)
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ نَاسًا قَالُوا يَا رَسُول اللَّه هَلْ نَرَى رَبّنَا يَوْم الْقِيَامَة قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر قَالُوا لَا يَا رَسُول اللَّه قَالَ هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْس لَيْسَ دُونهَا حِجَاب قَالُوا لَا يَا رَسُول اللَّه
قَالَ فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِثْله مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد
وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيّ فِي جَامِعه مِنْ حَدِيث إِسْرَائِيل عَنْ ثوير قال سمعت بن عمر رضي الله عنهما يَقُول قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَدْنَى أَهْل الْجَنَّة مَنْزِلَة لَمَنْ يُنْظَر إِلَى جَنَّاته وَأَزْوَاجه وَخَدَمه وَسُرَره مَسِيرَة أَلْف سَنَة وَأَكْرَمهمْ عَلَى اللَّه مَنْ يَنْظُر إِلَى وَجْهه غَدْوَة وَعَشِيَّة ثُمَّ قَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وُجُوه يَوْمَئِذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة} وَقَالَ هَذَا حَدِيث حَسَن غَرِيب وَقَدْ رَوَى غَيْر وَاحِد مِثْل هَذَا عَنْ إِسْرَائِيل مَرْفُوعًا
وَرَوَى عَبْد الْمَلِك بْن أَبْجَر عَنْ ثُوَيْر عن بن عُمَر قَوْله وَلَمْ يَرْفَعهُ
وَرَوَى عَبْد اللَّه الْأَشْجَعِيّ عَنْ سُفْيَان عَنْ ثُوَيْر عَنْ مُجَاهِد عن بن عُمَر مِنْ قَوْله لَمْ يَرْفَعهُ
وَقَدْ رَوَى أَحَادِيث الرُّؤْيَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَة مِنْ أَصْحَابه مِنْهُمْ جَرِير بْن عَبْد اللَّه وَأَبُو رَزِين الْعُقَيْلِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَة وَأَبُو سَعِيد وَصُهَيْب وَجَابِر وَأَبُو مُوسَى وَعَبْد الله بن مسعود وبن عباس وبن عُمَر وَأَنَس بْن مَالِك وَعَدِيّ بْن حَاتِم وَعَمَّار بْن يَاسِر وَعَمْرو بْن ثَابِت الْأَنْصَارِيّ وبن عُمَر
وَرَوَى إِسْرَائِيل عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ عَامِر بْن سَعْد عَنْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة} قَالَ الزِّيَادَة النَّظَر