يُرِيدُ أَنَّكُمْ لَا تَخْتَلِفُونَ فِي رُؤْيَتِهِ حَتَّى تَجْتَمِعُوا لِلنَّظَرِ وَيَنْضَمَّ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ فَيَقُولُ وَاحِدٌ هُوَ ذَاكَ وَيَقُولُ آخَرُ لَيْسَ بِذَلِكَ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ النَّاسِ عِنْدَ النَّظَرِ إِلَى الْهِلَالِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ وَوَزْنُهُ تَفَاعَلُونَ وَأَصْلُهُ تَتَضَامَنُونَ حُذِفَتْ مِنْهُ إِحْدَى التائين وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ لَا تُضَامُونَ بِضَمِّ التَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُكُمْ ضَيْمٌ وَلَا مَشَقَّةٌ فِي رُؤْيَتِهِ (فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ لَا تَصِيرُوا مَغْلُوبِينَ (عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) يَعْنِي الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ وَخَصَّ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ لِتَعَاقُبِ الْمَلَائِكَةِ فِي وَقْتِهِمَا وَلِأَنَّ وَقْتَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَقْتُ النَّوْمِ وَصَلَاةَ الْعَصْرِ وَقْتُ الْفَرَاغِ مِنَ الصِّنَاعَاتِ وَإِتْمَامِ الْوَظَائِفِ فَالْقِيَامُ فِيهِمَا أَشَقُّ عَلَى النَّفْسِ (فَافْعَلُوا) أَيْ عَدَمَ الْمَغْلُوبِيَّةِ بِقَطْعِ الْأَسْبَابِ الْمُنَافِيَةِ لِلِاسْتِطَاعَةِ كَنَوْمٍ وَنَحْوِهِ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ وَقَالَ السِّنْدِيُّ أَيْ لَا يَغْلِبَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ حَتَّى تَتْرُكُوهُمَا أَوْ تُؤَخِّرُوهُمَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِ الاستحباب انتهى
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق عَنْ مُسْلِم بْن يَزِيد عَنْ حُذَيْفَة
قَالَ الْحَاكِم أَبُو عَبْد اللَّه وَتَفْسِير الصَّحَابِيّ عِنْدنَا مَرْفُوع
وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد فِي رِوَايَة الْفَضْل بْن زِيَاد قَالَ سَمِعْته وَبَلَغَهُ عَنْ رَجُل أَنَّهُ قَالَ إِنَّ اللَّه لَا يُرَى فِي الْآخِرَة فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ مَنْ قَالَ إِنَّ اللَّه لَا يُرَى فِي الْآخِرَة فَقَدْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ لَعْنَة اللَّه وَغَضَبه مَنْ كَانَ مِنْ النَّاس أَلَيْسَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَقُول {وُجُوه يَوْمَئِذٍ نَاضِرَة إِلَى رَبّهَا نَاظِرَة} وَقَالَ {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبّهمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} فَهَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ اللَّه
وَقَالَ حَنْبَل بْن إِسْحَاق سَمِعْت أَبَا عَبْد اللَّه يَقُول قَالَتْ الْجَهْمِيَّةُ إِنَّ اللَّه لَا يُرَى فِي الْآخِرَة وَقَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبّهمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} فَلَا يَكُون هَذَا إِلَّا إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يُرَى وَقَالَ {وُجُوه يَوْمَئِذٍ نَاضِرَة إِلَى رَبّهَا نَاظِرَة} فَهَذَا النَّظَر إِلَى اللَّه وَالْأَحَادِيث الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ تَرَوْنَ رَبّكُمْ صَحِيحَة وَأَسَانِيدهَا غَيْر مَدْفُوعَة وَالْقُرْآن شَاهِد أَنَّ اللَّه يُرَى فِي الْآخِرَة
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ سَمِعْت أَحْمَد بْن حَنْبَل وَقَدْ ذُكِرَ عِنْده شَيْء فِي الرُّؤْيَة فَغَضِبَ وقال من قال إن الله لايرى فهو كافر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute