(هَاهْ هَاهْ) بِسُكُونِ الْهَاءِ فِيهِمَا بَعْدَ الْأَلِفِ كلمة يقولها المتحير الذي لايقدر مِنْ حِيرَتِهِ لِلْخَوْفِ أَوْ لِعَدَمِ الْفَصَاحَةِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ لِسَانَهُ فِي فِيهِ (لَا أَدْرِي) أَيْ شيئا ما أو ماأجيب بِهِ وَهَذَا كَأَنَّهُ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ هَاهْ هَاهْ (مِنْ حَرِّهَا) أَيْ حَرِّ النَّارِ وَهُوَ تَأْثِيرُهَا (وَسَمُومِهَا) وَهِيَ الرِّيحُ الْحَارَّةُ (وَيُضَيَّقُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ التَّضْيِيقِ (حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ ضِلْعٍ وَهُوَ عَظْمُ الْجَنْبِ أَيْ حَتَّى يَدْخُلَ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ مِنْ شِدَّةِ والتضييق وَالضَّغْطَةِ (ثُمَّ يُقَيَّضُ) أَيْ يُسَلَّطُ وَيُوَكَّلُ (أَعْمَى) أَيْ زَبَانِيَةٌ أَعْمَى كَيْلَا يَرْحَمَ عَلَيْهِ
(مَعَهُ مِرْزَبَةٌ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمِرْزَبَةُ بِالتَّخْفِيفِ الْمِطْرَقَةُ الْكَبِيرَةُ الَّتِي تَكُونُ لِلْحَدَّادِ وَيُقَالُ لَهَا الْأَرْزَبَّةُ بالهمزة والتشديد انتهى
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
الْمِنْهَال
وَرَوَاهُ حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ يُونُس عَنْ الْمِنْهَال
فَبَطَلَتْ الْعِلَّة مِنْ جِهَة الْحَسَن بْن عُمَارَة
وَلَمْ يَضُرّ دُخُول الْحَسَن شَيْئًا
وَأَمَّا الْعِلَّة الثَّالِثَة وَهِيَ أَنَّ زَاذَان لَمْ يَسْمَعهُ مِنْ الْبَرَاء فَجَوَابهَا مِنْ وَجْهَيْنِ
أَحَدهمَا أَنَّ أَبَا عَوَانَة الْإِسْفَرَايِينِي رَوَاهُ فِي صَحِيحه وَصَرَّحَ فِيهِ بِسَمَاعِ زَاذَان لَهُ مِنْ الْبَرَاء فَقَالَ سَمِعْت الْبَرَاء بْن عَازِب فَذَكَرَهُ
وَالثَّانِي أن بن مَنْدَهْ رَوَاهُ عَنْ الْأَصَمّ حَدَّثَنَا الصَّنْعَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْر عِيسَى بْن الْمُسَيِّب عَنْ عَدِيّ بْن ثَابِت عَنْ الْبَرَاء فَذَكَرَهُ
فَهَذَا عَدِيّ بن ثابت قد تابع زاذان
قال بن مَنْدَهْ وَرَوَاهُ أَحْمَد بْن حَنْبَل وَمَحْمُود بْن غيلان وغيرهما عن أبي النضر ورواه بن مَنْدَهْ أَيْضًا مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن سَلَمَة عَنْ خُصَيْفٍ الْجَزَرِيِّ عَنْ مُجَاهِد عَنْ الْبَرَاء
قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ هَذَا حَدِيث حَسَن مَشْهُور بِالْمِنْهَالِ عَنْ زَاذَان وَشَجَّعَهُ أَبُو نُعَيْم وَالْحَاكِم وَغَيْرهمَا
وَأَمَّا مَا ظَنَّهُ أَبُو مُحَمَّد بْن حَزْم مِنْ مُعَارَضَة هَذَا الْحَدِيث لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كَيْف تَكْفُرُونَ بِاَللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} الْآيَة وَأَنَّهُمَا حَيَاتَانِ وَمَوْتَتَانِ لَا غَيْر
فَجَوَابه
أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيث أَنَّهُ يَحْيَا حَيَاة مُسْتَقِرَّة فِي قَبْره وَالْحَيَاتَانِ الْمَذْكُورَتَانِ فِي الْآيَة هُمَا اللَّتَانِ ذُكِرَا فِي قَوْله تَعَالَى {قَالُوا رَبّنَا أَمَتَّنَا اِثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتنَا اِثْنَتَيْنِ} وَهَاتَانِ حَيَاتَانِ مُسْتَقِرَّتَانِ وَأَمَّا رَدّ الرُّوح إِلَيْهِ فِي