للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالتَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ يُقَالُ رَجُلٌ كَرْمٌ وَامْرَأَةٌ كَرْمٌ وَرَجُلَانِ كَرْمٌ وَامْرَأَتَانِ كَرْمٌ وَرِجَالٌ كَرْمٌ وَنِسْوَةٌ كَرْمٌ وَيُطْلَقُ عَلَى الْعِنَبِ وَشَجَرَةٍ كَذَا قَالُوا

قُلْتُ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْحَائِطِ مِنَ الْعِنَبِ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ رَفْعُهُ أَنَّ اسْمَ الرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ فِي الْكُتُبِ الْكَرْمُ مِنْ أَجْلِ مَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ عَلَى الْخَلِيفَةِ وَأَنَّكُمْ تَدْعُونَ الْحَائِطَ مِنَ الْعِنَبِ الْكَرْمَ الْحَدِيثَ وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِرِوَايَةِ الْمُؤَلِّفِ (وَحِفْظِ الْمَنْطِقِ) أَيْ وَهَذَا بَابُ حِفْظِ الْمَنْطِقِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ مَصْدَرٌ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ نَطَقَ نُطْقًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَمَنْطِقًا

وَالنُّطْقُ بِالضَّمِّ اسْمٌ مِنْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُحَافِظَ فِي الْمَنْطِقِ وَيُرَاعِي فِي الْكَلَامِ فَلَا يتكلم ولا ينطق بما تشهيه نَفْسُهُ بَلْ لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِي كَلَامِهِ الْأَلْفَاظَ الْوَارِدَةَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَيَجْتَنِبَ عَنِ الْأَلْفَاظِ الْجَاهِلِيَّةِ وَعَنِ الْعِبَارَاتِ الَّتِي ظَاهِرُهَا مُخَالَفَةٌ لِلْأَدَبِ وَالْمُرُوءَةِ

قُلْتُ وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي سَاقَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْأَبْوَابِ التَّالِيَةِ أَكْثَرُهَا دَاخِلٌ تَحْتَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَيْ حِفْظِ الْمَنْطِقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ الْكَرَمَ) أَيْ لِلْعِنَبِ أَوْ لِحَائِطِهِ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

الْكَرِيم وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْج كَرِيم} وَفِي آيَة أُخْرَى {مِنْ كُلّ زَوْج بَهِيج} فَهُوَ كَرِيم مَخْبَره بَهِيج فِي مَنْظَره وَشَجَر الْعِنَب قَدْ جَمَعَ وُجُوهًا مِنْ ذَلِكَ

مِنْهَا تَذْلِيل ثَمَره لِقَاطِفِهِ

وَمِنْهَا أَنَّهُ لَيْسَ دُونه شَوْك يُؤْذِي مُجْتَنِيه

وَمِنْهَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ عَلَى مَنْ أَرَادَهُ لِعُلُوِّ سَاقه وَصُعُوبَته كَغَيْرِهِ

وَمِنْهَا أَنَّ الشَّجَرَة الْوَاحِدَة مِنْهُ مَعَ ضَعْفهَا وَدِقَّة سَاقهَا تَحْمِل أَضْعَاف مَا تَحْمِلهُ غَيْرهَا

وَمِنْهَا أَنَّ الشَّجَرَة الْوَاحِدَة مِنْهُ إِذَا قُطِعَ أَعْلَاهَا أَخْلَفَتْ مِنْ جَوَانِبهَا وَفُرُوعهَا وَالنَّخْلَة إِذَا قُطِعَ أَعْلَاهَا مَاتَتْ وَيَبِسَتْ جُمْلَة

وَمِنْهَا أَنَّ ثَمَره يُؤْكَل قَبْل نُضْجه وَبَعْد نُضْجه وَبَعْد يُبْسه

وَمِنْهَا أَنَّهُ يُتَّخَذ مِنْهُ مِنْ أَنْوَاع الْأَشْرِبَة الْحُلْوَة وَالْحَامِضَة كَالدَّبْسِ وَالْخَلّ مَا لَا يُتَّخَذ مِنْ غَيْره ثُمَّ يُتَّخَذ مِنْ شَرَابه مِنْ أَنْوَاع الْحَلَاوَة وَالْأَطْعِمَة وَالْأَقْوَات مَا لَا يُتَّخَذ مِنْ غَيْره وَشَرَابه الْحَلَال غِذَاء وَقُوت وَمَنْفَعَة وَقُوَّة

وَمِنْهَا أَنَّهُ يُدَّخَر يَابِسه قُوتًا وَطَعَامًا وَأُدُمًا

وَمِنْهَا أَنَّ ثَمَره قَدْ جَمَعَ نِهَايَة الْمَطْلُوب مِنْ الْفَاكِهَة مِنْ الِاعْتِدَال فَلَمْ يُفْرِط إِلَى الْبُرُودَة كَالْخَوْخِ

<<  <  ج: ص:  >  >>