الرِّوَايَاتِ أَيْ مَا لَمْ تُفَسَّرْ (فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ) أَيْ تِلْكَ الرُّؤْيَا عَلَى الرَّائِي يَعْنِي يَلْحَقُهُ حُكْمُهَا
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الرُّؤْيَا عَلَى رجل طائر مالم تُعَبَّرْ أَيْ لَا يَسْتَقِرُّ تَأْوِيلُهَا حَتَّى تُعَبَّرَ يُرِيدُ أَنَّهَا سَرِيعَةُ السُّقُوطِ إِذَا عُبِّرَتْ كَمَا أَنَّ الطَّيْرَ لَا يَسْتَقِرُّ فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ فَكَيْفَ مَا يَكُونُ عَلَى رِجْلِهِ
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِرٍ وَهِيَ عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ كُلُّ حَرَكَةٍ مِنْ كَلِمَةٍ أَوْ جَارٍ يَجْرِي فَهُوَ طَائِرٌ مَجَازٌ أَرَادَ عَلَى رِجْلِ قَدْرٍ جَارٍ وَقَضَاءٍ مَاضٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَهِيَ لِأَوَّلِ عَابِرٍ يُعَبِّرُهَا أَيْ أَنَّهَا إِذَا احْتَمَلَتْ تَأْوِيلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَعَبَّرَهَا مَنْ يَعْرِفُ عِبَارَتَهَا وَقَعَتْ عَلَى مَا أَوَّلَهَا وَانْتَفَى عَنْهَا غَيْرُهُ مِنَ التَّأْوِيلِ انْتَهَى
قَالَ السُّيُوطِيُّ وَالْمُرَادُ أَنَّ الرُّؤْيَا هِيَ الَّتِي يُعَبِّرُهَا الْمُعَبِّرُ الْأَوَّلُ فَكَأَنَّهَا كَانَتْ عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ فَسَقَطَتْ وَوَقَعَتْ حَيْثُ عُبِّرَتْ انْتَهَى (وَأَحْسِبُهُ أَيِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَلَا تَقُصَّهَا) أَيْ لَا تَعْرِضَ رُؤْيَاكَ (إِلَّا عَلَى وَادٍّ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيْ مُحِبٍّ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقْبِلُكَ فِي تَفْسِيرِهَا إِلَّا بِمَا تُحِبُّ (أَوْ ذِي رَأْيٍ) أَيْ عَاقِلٍ أَوْ عَالِمٍ
قَالَ الزَّجَّاجُ مَعْنَاهُ ذُو عِلْمٍ بِعِبَارَةِ الرُّؤْيَا فَإِنَّهُ يُخْبِرُكَ بِحَقِيقَةِ تَفْسِيرِهَا أَوْ بِأَقْرَبِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ
قَالَ المنذري وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَأَبُو رَزِينٍ هَذَا هُوَ لَقِيطُ بْنُ عَامِرٍ غَيْرُ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ وَفَصَلَ بَيْنَهُمَا الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ فِي الْأَشْرَافِ فِي تَرْجَمَتَيْنِ وَصَحَّحَ بَعْضُهُمُ الْأَوَّلَ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ لَقِيطُ بْنُ عَامِرٍ وَيُقَالُ لَقِيطُ بْنُ صَبْرَةَ بْنِ الْمُنْتَفِقِ وَقَالَ وَقِيلَ إِنَّ لَقِيطَ بْنَ عَامِرٍ غَيْرَ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ
[٥٠٢١] (الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ) أَيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنْهُ (وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ) الْحُلْمُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَقِيلَ بِضَمِّهِمَا مَا يُرَى فِي الْمَنَامِ مِنَ الْخَيَالَاتِ الْفَاسِدَةِ
قَالَ الْقَسْطَلَانِيُّ وَإِضَافَةُ الْحُلْمِ إِلَى الشَّيْطَانِ لِكَوْنِهِ عَلَى هَوَاهُ وَمُرَادِهِ وَأَمَّا إِضَافَةُ الرُّؤْيَا وَهِيَ اسْمٌ لِلْمَرْئِيِّ الْمَحْبُوبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِضَافَةُ تَشْرِيفٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُضَافَ إِلَى اللَّهِ لَا يُقَالُ لَهُ حُلْمٌ وَالْمُضَافُ إِلَى الشَّيْطَانِ لَا يُقَالُ لَهُ رُؤْيَا وَهُوَ تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ وَإِلَّا فَالْكُلُّ يُسَمَّى رُؤْيَا انْتَهَى (فَلْيَنْفُثْ) أَيْ لِيَبْصُقْ (مِنْ شَرِّهَا) أَيْ مِنْ شَرِّ تِلْكَ الرُّؤْيَا (فَإِنَّهَا) أَيِ الرُّؤْيَا الْمَكْرُوهَةُ (لَا تَضُرُّهُ) قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ فِعْلَهُ مِنَ التَّعَوُّذِ وَالتُّفْلِ وَغَيْرِهِ سَبَبًا لِسَلَامَتِهِ مِنَ الْمَكْرُوهِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا كَمَا جَعَلَ الصَّدَقَةَ وِقَايَةً لِلْمَالِ وَدَفْعًا لِدَفْعِ الْبَلَاءِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه