(لَمْ يَكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حَتَّى نَزَلَتْ سُورَةُ النَّمْلِ) لِأَنَّ الْبَسْمَلَةَ فِيهَا جُزْؤُهَا
وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ إِنَّ الْبَسْمَلَةَ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ إِنَّمَا هِيَ لِلْفَصْلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَهَذَا مُرْسَلٌ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعَتْ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ مَنْ أَثْبَتَهَا وَلَا مَنْ نَفَاهَا لا ختلاف الْعُلَمَاءِ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَفَى حَرْفًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ أَوْ أَثْبَتَ مَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا آيَةٌ فِي أَثْنَاءِ سُورَةِ النَّمْلِ وَلَا خِلَافَ فِي إِثْبَاتِهَا خَطًّا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ فِي الْمُصْحَفِ إِلَّا فِي أَوَّلِ سُورَةِ التَّوْبَةِ
وَأَمَّا التِّلَاوَةُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ فِي أَوَّلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَفِي أَوَّلِ كُلِّ سورة إذا ابتدأ بها القارىء مَا خَلَا سُورَةَ التَّوْبَةِ وَأَمَّا فِي أَوَائِلِ السور مع الوصل بسورة قبلها فأثبتها بن كَثِيرٍ وَقَالُونُ وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ مِنَ الْقُرَّاءِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ إِلَّا أَوَّلَ سُورَةِ التَّوْبَةِ وحذفها منهم أبو عمرو وحمزة وورش وبن عَامِرٍ كَذَا فِي النَّيْلِ
[٧٨٨] (لَا يَعْرِفُ فَصْلَ السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرَّحِيمِ) الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِهِمَا وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَالَ الْمُرْسَلُ أَصَحُّ
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي تَلْخِيصِ الْمُسْتَدْرَكِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الحديث عن بن عَبَّاسٍ أَمَّا هَذَا فَثَابِتٌ
وَقَالَ الْهَيْثَمِيُّ رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادَيْنِ رِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ
وَالْحَدِيثُ اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْبَسْمَلَةَ مِنَ الْقُرْآنِ
وَيُبْتَنَى عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ تَنْزِيلِ الْبَسْمَلَةِ تَسْتَلْزِمُ قُرْآنِيَّتَهَا
قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ
وَالِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَا بِكُلِّ حَدِيثٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَسْمَلَةَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى الْجَهْرِ بِهَا فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ بصحيح
قال الحافظ بن سَيِّدِ النَّاسِ الْيَعْمَرِيُّ لِأَنَّ جَمَاعَةً مِمَّنْ يَرَى الْجَهْرَ بِهَا لَا يَعْتَقِدُونَهَا قُرْآنًا بَلْ هِيَ مِنَ السُّنَنِ عِنْدَهُمْ كَالتَّعَوُّذِ وَالتَّأْمِينِ وَجَمَاعَةٌ مِمَّنْ يَرَى الْإِسْرَارَ بِهَا يَعْتَقِدُونَهَا قُرْآنًا
وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ إِنَّ مَسْأَلَةَ الْجَهْرِ لَيْسَتْ مُرَتَّبَةً عَلَى إِثْبَاتِ مَسْأَلَةِ الْبَسْمَلَةِ
وَكَذَلِكَ احْتِجَاجُ مَنِ احْتَجَّ بِأَحَادِيثَ عَدَمِ قِرَاءَتِهَا عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِآيَةٍ لما عرفت
قال الحافظ بن حَجَرٍ فِي تَخْرِيجِ الْهِدَايَةِ وَمِنْ حُجَجِ مَنْ أَثْبَتَ الْجَهْرَ أَنَّ أَحَادِيثَهُ جَاءَتْ مِنْ