يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَصَاعِدًا وَيَشْهَدُ لَهُ أَيْضًا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَقَدِّمُ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاةٌ بِغَيْرِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ
فَإِنْ قُلْتَ الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى الْقَائِلِينَ بِفَرْضِيَّةِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ لا على الحنيفة لِأَنَّهُمْ إِذَا أَثْبَتُوا بِهِ فَرْضِيَّةَ الْفَاتِحَةِ لَزِمَهُمْ أَنْ يُثْبِتُوا بِهِ فَرْضِيَّةَ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ زَائِدٍ عَلَى الْفَاتِحَةِ أَيْضًا وَهُمْ لَيْسُوا بِقَائِلِينَ بِهِ قِيلَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ أَجْزَأَتْ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ كما قال الحافظ
وروى بن خزيمة عن بن عباس أن النبي قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَقْرَأْ فِيهِمَا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَإِنْ زَادَ فَهُوَ خَيْرٌ
فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ فِي الصَّلَاةِ فَقَالُوا بِاسْتِحْبَابِ مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ لِتَأْتَلِفَ الْأَخْبَارُ
[٨٢١] (مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ
قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ يَعْنِي نَاقِصَةً نَقْصَ فَسَادٍ وَبُطْلَانٍ تَقُولُ الْعَرَبُ أَخْدَجَتِ النَّاقَةُ إِذَا أَلْقَتْ وَلَدَهَا وَهُوَ دَمٌ لَمْ يَسْتَبِنْ خَلْقُهُ فَهِيَ مُخْدِجٌ
وَالْخِدَاجُ اسْمٌ مَبْنِيٌّ مِنْهُ
انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ وَالْأَصْمَعِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ وَالْهَرَوِيُّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَآخَرُونَ الْخِدَاجُ النُّقْصَانُ يُقَالُ خَدَجَتِ النَّاقَةُ إِذَا أَلْقَتْ وَلَدَهَا قَبْلَ أَوَانِ النِّتَاجِ وَإِنْ كَانَ تَامَّ الْخَلْقِ وَأَخْدَجَتْهُ إِذَا وَلَدَتْهُ نَاقِصًا وَإِنْ كَانَ لِتَمَامِ الْوِلَادَةِ وَمِنْهُ قِيلَ لِذِي الْيُدِيَّةِ مُخْدَجُ اليد أي ناقصها قالوا فقوله خِدَاجٌ أَيْ ذَاتُ خِدَاجٍ
وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ خَدَجَتْ وَأَخْدَجَتْ إِذَا وَلَدَتْ لِغَيْرِ تَمَامٍ انْتَهَى وَفِيهِ فَرْضِيَّةُ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ وَأَنَّ الصَّلَاةَ إِذَا لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا الْفَاتِحَةُ فَهِيَ نَاقِصَةٌ نَقْصَ فَسَادٍ وَبُطْلَانٍ لِأَنَّ الْخِدَاجَ النُّقْصَانُ وَالْفَسَادُ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ أَخْدَجَتِ النَّاقَةُ وَخَدَجَتْ إِذَا وَلَدَتْ قَبْلَ تَمَامِ وَقْتِهَا وَقَبْلَ تَمَامِ الْخَلْقِ وَذَلِكَ نِتَاجٌ فَاسِدٌ
وقد زعم الحنيفة أَنَّ قَوْلَهُ خِدَاجٌ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ النُّقْصَانُ وَالصَّلَاةُ النَّاقِصَةُ جَائِزَةٌ وَهَذَا تَحَكُّمٌ فَاسِدٌ (غَيْرُ تَمَامٍ) بَيَانُ خِدَاجٍ أَوْ بَدَلٌ مِنْهُ وَقِيلَ إِنَّهُ تَأْكِيدٌ (فَغَمَزَ ذِرَاعِي) أَيْ كَبَسَ سَاعِدِي
قَالَ الْبَاجِيُّ هُوَ عَلَى مَعْنَى التَّأْنِيسِ لَهُ وَتَنْبِيهٌ عَلَى فَهْمِ مُرَادِهِ وَالْبَعْثِ لَهُ عَلَى جَمْعِ ذِهْنِهِ وَفَهْمِهِ