للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِنْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى السُّؤَالِ وَإِلَّا فَمِثْلُهُ من رفع درجة ودفع مضرة ونحوهما (اقرؤوا) لَيْسَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ (يَقُولُ الْعَبْدُ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ (حَمِدَنِي عَبْدِي إِلَى قَوْلِهِ مَجَّدَنِي عَبْدِي) قَالَ النَّوَوِيُّ إِنَّمَا قَالَهُ لِأَنَّ التَّحْمِيدَ الثَّنَاءُ بِجَمِيلِ الْفِعَالِ وَالتَّمْجِيدُ الثَّنَاءُ بِصِفَاتِ الْجَلَالِ وَيُقَالُ أَثْنَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ

وَلِهَذَا جَاءَ جَوَابًا لِلرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِاشْتِمَالِ اللَّفْظَيْنِ عَلَى الصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ (يَقُولُ الْعَبْدُ إِيَّاكَ نَعْبُدُ) أَيْ نَخُصُّكَ بِالْعِبَادَةِ (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) أَيْ نَخُصُّكَ بِالِاسْتِعَانَةِ (فَهَذِهِ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي) لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لِلَّهِ تَعَالَى وَالِاسْتِعَانَةَ مِنَ اللَّهِ

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَذَلُّلَ الْعَبْدِ لِلَّهِ وَطَلَبَهُ الِاسْتِعَانَةَ مِنْهُ وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ تَعْظِيمَ اللَّهِ وَقُدْرَتَهُ عَلَى مَا طُلِبَ مِنْهُ (يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم إِلَى آخِرِ السُّورَةِ) إِنَّمَا كَانَ هَذَا لِلْعَبْدِ لِأَنَّهُ سُؤَالٌ يَعُودُ نَفْعُهُ إِلَى الْعَبْدِ (فَهَؤُلَاءِ لِعَبْدِي) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَهَذَا لِعَبْدِي قَالَ النَّوَوِيُّ هَكَذَا هُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَفِي غَيْرِهِ فَهَؤُلَاءِ لِعَبْدِي وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اهْدِنَا وَمَا بَعْدَهُ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ ثَلَاثُ آيَاتٍ لَا آيَتَانِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْبَسْمَلَةَ مِنَ الْفَاتِحَةِ أَمْ لَا فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهَا مِنَ الْفَاتِحَةِ وَأَنَّهَا آيَةٌ وَاهْدِنَا وَمَا بَعْدَهُ آيَتَانِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ يَقُولُ إِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْفَاتِحَةِ يَقُولُ اهْدِنَا وَمَا بَعْدَهُ ثَلَاثُ آيَاتٍ وَلِلْأَكْثَرِينَ أَنْ يَقُولُوا قَوْلَةَ هَؤُلَاءِ الْمُرَادُ بِهِ الْكَلِمَاتُ لَا الْآيَاتُ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَهَذَا لِعَبْدِي وَهَذَا أَحْسَنُ مِنَ الْجَوَابِ بِأَنَّ الْجَمْعَ مَحْمُولٌ عَلَى الِاثْنَيْنِ لِأَنَّ هَذَا مَجَازٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ فَيُحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ عَلَى صَرْفِهِ عَنِ الْحَقِيقَةِ إِلَى الْمَجَازِ

انْتَهَى

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ قَدْ يَسْتَدِلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ لَا يَرَى التَّسْمِيَةَ آيَةً مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَقَالُوا لَوْ كَانَتْ آيَةً لَذُكِرَتْ كَمَا ذُكِرَ سَائِرُ الْآي فَلَمَّا بَدَأَ بِالْحَمْدِ دَلَّ أَنَّهُ أَوَّلُ آيَةٍ منها وأنه لاحظ لِلتَّسْمِيَةِ فِيهَا

وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا فَقَالَ قَوْمٌ هِيَ آيَةٌ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَهُوَ قول بن عباس وأبي

<<  <  ج: ص:  >  >>