للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سبحانه: (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) (١) أي عليها، ألا ترى أنك إذا أخذت بظاهر هذا القول غُفلا هكذا، لا مُقيَّدا، لزمك عليه أن تقول: سرت إلى زيد وأنت تريد معه. وأن تقول: زيد في الفرس وأنت تريد عليه، ورويت الحديث بزيد وأنت تريد عنه. ونحو ذلك مما يطول ويتفاحش، ولكن سنضع في ذلك رسماً يُعمل عليه، وُيؤمن التزام الشناعة لمكانه أ. هـ.

وقال القاضي ابن العربي (٢): والتضمين في الفعل أقيس وأوسع، وكذلك عادة العرب أن تحمل معاني الأفعال على الأفعال لما بينهما من الارتباط والاتصال، وجهلت النحْوية هذا فقال كثير منهم: إن حروف الجر يبدل بعضها من بعض ويحمل بعضها معاني البعض أ. هـ فالتضمين في الحروف مرذول مطَّرح.

الفعل أو المشتق إذا كان بمعنى فعل آخر فيما نيطت به أقرابه وشواكله، وكان أحدهما يتعدى بحرف، والآخر بآخر فإن العرب قد تتسع فتوقع أحد الحرفين موقع صاحبه إيذاناً بأن هذا الفعل في معنى ذلك الآخر، فلذلك جيء معه بالحرف المعتاد مع ما هو في معناه، كقول اللَّه تعالى: (أُحلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) (٣) فالعرب لا تقول رفثت إلى المرأة، وإنما تقول: رفثت بها أو معها، لكنه لما كان الرفث هنا في معنى الإفضاء وكنتَ تُعدي أفضيتُ بـ (إلى) جئت بـ (إلى) مع الرفث إيذاناً وإشعاراً أنه بمعناه، ونكون قد جمعنا المعنيين معاً: الرفث وهو فاحش القول، مع الإفضاء وهو إزالة الفضاء وأعني الإيلاج، وكلاهما مقصود هنا ليمنح العلاقة الزوجية رِقة ونداوة ورحمة، وينأى عن التصريح بالمعنى الحيواني، وُيسدل ثوبَ الستر على العلاقة الزوجية.


(١) طه: ٧١.
(٢) أحكام القرآن: ١/ ١٧٧.
(٣) البقرة: ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>