وجرح رضي الله تعالى عنه يوم أحد إحدى عشرين جراحة، وجرح في رجله وكان يعرج منها. قال أبو عمر رحمه الله تعالى: كان تاجرا مجدودا في التجارة، وكسب مالا كثيرا، وخلّف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة ومائة فرس بالبقيع. وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحا، فكان يدّخر من ذلك قوت أهله سنة.
وصولحت امرأته التي طلقها في مرضه من ثلث الثّمن بثلاثة وثمانين ألفا. وروى ابن عيينة أنها صولحت بذلك عن ربع الثّمن من ميراثه. وروي عنه أنه أعتق في يوم واحد ثلاثين عبدا. وعن أبي الهيّاج «١» قال: رأيت رجلا يطوف بالبيت وهو يقول: اللهم قني شحّ نفسي، فسألت عنه فقالوا: هذا عبد الرّحمن بن عوف.
وعن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: دخل عليها عبد الرّحمن بن عوف فقال: يا أمه قد خشيت أن يهلكني كثرة مالي، أنا أكثر قريش كلّهم مالا، قالت:
يا بني تصدّق فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه، فخرج عبد الرّحمن فلقي عمر فأخبره بما قالت أم سلمة:
فجاء عمر فدخل عليها فقال: بالله منهم أنا؟ قالت: لا ولن أقول لأحد بعدك.
توفي عبد الرّحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه سنة إحدى وثلاثين، وقيل سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن خمس وسبعين سنة بالمدينة. انتهى.
فوائد لغوية في أربع مسائل:
الأولى: في «الديوان»(٣: ٣١٠) : دومة الجندل بفتح الدال وتضم أيضا: اسم موضع.
الثانية: المجدود بالجيم: المحظوظ أي ذو الحظ، من الجدّ بفتحها. وفي «المشارق»(١: ١٤١) هو البخت والحظ في المال وسعة الدنيا. انتهى.
(١) هو حيان بن حصين أبو الهياج الأسدي الكوفي روى عن علي وعمار، وعده ابن حبان في الثقات (تهذيب التهذيب ٣: ٦٧) .