للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فى سهل الإيجاز البرزة، وفى صون الإعجاز المخدّرة، والملّية (١) ببدائع البداية فمتى تقاضاها متقاض لم تقل: فنظرة إلى ميسرة، والبديعة التى لم توجّه إليها الآمال فكرها استحالة غير مسبوق بالشعور، ولم تسم إليها مقل الخواطر لعدم الإحاطة بغيب الصّدور قبل الصّدور (٢)، والبديهة التى فصّل البيان كلماتها تفصيل الدّرّ بالشّذور، وإنّ كلمتها (٣) لتميس فى صدورها وأعجازها، وتختال فى صدودها بين بديعها وإعجازها، وتنثال عليها أعراض المعانى بين إسهابها وإيجازها، فهى فرائد ائتلفت من أفكار الوائلىّ (٤) والإيادىّ، وقلائد انتظمت انتظام الدّرر أو الدّرارىّ، ولطائف فضّت (٥) عن العنبر الشّحرىّ (٦) أو المسك الدّارىّ (٧)، لا جرم أنّ غوّاصى الفضائل ضلّوا فى غمراتها خائضين، وفرسان الكلام أصبحوا فى حلباتها راكضين، وأبناء البيان تليت عليهم آياتها، فظلّت أعناقهم لها/ خاضعين:

ما إن لها فى الفضل مثل كائن … وبيانها أجلى البيان وأمثل

فالعجز عنها معجز متيقّن … ونبيّها فى الفضل فينا مرسل

ما ذاك إلّا أنّ ما يأتى به … وحى الكلام على اليراعة ينزل

بزغت شمسا لا ترضى غير صدره فلكا، وانقادت معانيها طائعة لا تختار سواه ملكا، وانتبذت بالعراء فلا تخشى إدراك الأفكار ولا تخاف دركا، وبدت شواردها فلا تقتنصها الخواطر ولو نصبت هدب الجفون (٨) شركا:


(١) الملية خطأ، وحقها: «الملأى» أو «الملآنة».
(٢) الصدور الأولى: جمع صدر، والثانية مصدر.
(٣) فى د: «وإن حليها ليميس».
(٤) يريد بالوائلى: سحبان بن وائل، وبالإيادى: قس بن ساعدة.
(٥) فى ا: «أفشت».
(٦) الشحر: ساحل البحر بين عمان وعدن؛ القاموس ٢/ ٥٦.
(٧) منسوب إلى «دارين» فرضة بالبحرين، بها سوق يحمل المسك من الهند إليها؛ القاموس ٢/ ٣٢.
(٨) فى التيمورية: «هدب العيون».

<<  <  ج: ص:  >  >>