للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نهارها، وتتفجّر فى رياض الاعتقاد أنهارها، ويستغرق فى أنفاس الشكر تكرارها، وسلّم وكرّم، وشرّف وعظّم.

«أما بعد فإنّ الأبنية كمائم تتفتّح عن زهرها، وغمائم/ تتوضح عن مطرها، وأصداف تفتخر بدررها، وضمائر تسفر البصائر والأبصار عن مضمرها، ونواطق بحسن الآثار وإن كانت صوامت، ومهارق (١) تسطّر فيها أخبار أهلها المنفصلة وإن كانت ثوابت، وأجلّها وأحلاها ذكرا، وأسماها وأسناها قدرا، وأوّلها وأولاها مسرى، وأنفحها وأفيحها طيبا ونشرا، وأربحها وأرحبها فناء، وأفسحها (٢) وأفصحها ثناء، دار دار فضل حديثها وحديث فضلها، وسار بفخرها وعزّها المثل السائر حتّى عزّ وجود مثلها وشاكلت مهابط وحى الله المحجوجة بأهل شرفها وشرف أهلها، فأسّست على تقوى من الله ورضوان فجانبتها الشوائب (٣) وعدتها، ونثرت فى وكيرتها (٤) جواهر الكتاب والسّنّة فجلتها لمّا حلّتها، وكستها العزائم السابقة والهمم الشائقة حلل المحاسن والحسنات وما وكستها (٥)، فأصبحت بحمد الله كعبة تنتابها وفود الاستفادة زيارة وعكوفا، وجنّة تبعد عن أعين المتأمّلين شأوا وتدنو من أفواه المؤمّلين قطوفا، وفلكا بما جلّلته من الأنوار الزّواهر، وتاجا بما كلّلته من جواهر النّفائس ونفائس الجواهر، ومعلما (٦) للعلم [بما] قضت السعادة من الأزل ببنائه،


(١) المهارق: الصحف، مفردها: المهرق- على صيغة البناء للمفعول- الصحيفة معرب، وهى بالفارسية «مهرة» بضم الميم، وقالوا هى خرق كانت تصقل ويكتب عليها، وقد تكلمت به العرب قديما كما يقول الأزهرى، انظر: المعرب/ ٣٠٣، وشفاء الغليل/ ٢٠٦، وانظر أيضا:
القاموس ٣/ ٢٩١.
(٢) فى ز: «وأفصحها وأنصحها».
(٣) فى ز و ط خطأ: «السوائب» بالسين المهملة.
(٤) الوكيرة: الطعام يتخذه الرجل عند فراغه من بنيانه فيدعو إليه؛ انظر: اللسان ٥/ ٢٩٣، والقاموس ٢/ ١٥٦.
(٥) وكستها: نقصتها، والوكس: النقصان؛ القاموس ٢/ ٢٥٨.
(٦) معلم: اسم مكان للعلم من علم، على وزن مفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>