للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من سؤاله كيف يوجد له ذرّية بعد كبره وكبر زوجته، بعد دعائه بذلك، وإخبار الملائكة له عن الله تعالى بذلك، ما يشهد بأنّ الأمور التى تجرى على خلاف العادة، لا تسلّم بمجرّد دعواها، ولا بمجرّد الإخبار، وكذلك فى قصّة مريم، وفى قصّة امرأة إبراهيم، صلّى الله عليه وسلّم، وتصريحها بأنّ هذا الشئ عجيب، والسؤال والتعجّب من الجميع، إنّما هو لبعده عادة، وإلّا فالقدرة الإلهية صالحة، ولا يتعجّب ممّا يفعله.

وقد منع جماعة (١) أيضا من قبول خبر الواحد من الثّقات، فى إثبات الصّفات؛ لعسر العمل بظاهرها عندهم، وبعضهم ينسب الرّاوى فى بعضها إلى الوهم؛ فإنّ الصّحابة رضى الله عنهم كبار العبّاد، وأكابر العباد، وظهور الكرامة على أيديهم، أدعى إلى إيمان الكافرين، وأقرب إلى وفاق المنافقين، ومن منع من الكبراء قال بجوازها فى زمن النبىّ، صلّى الله عليه وسلّم، وما قاربه إرهاصا، ومع ذلك فقد قال تعالى:

«وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ، قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ، تَوَلَّوْا وَ أَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً» الآية، فلم تطو لهم الأرض حتّى ساروا، ولا خفّت أجسامهم حتّى طاروا، وقصدهم الجهاد، وردع أهل الفساد، وهم رءوس الأولياء، وصفيّة الأصفياء، ولو وقع ذلك، لقصّ الله علينا أنّهم لمّا حزنوا وبكوا، ساروا أو طاروا، ولكان فى ذلك مسرّة للنّفوس، وزينة للطّروس، وداعية للأيمان، وردع لبعض أهل العصيان، والله تعالى أعلم، والخير كلّه فى اتّباع شريعة محمد صلّى الله عليه وسلّم.

وقال الشّيخ عبد الكريم (٢): وقد ذكره ابن المهدوىّ، وقال إنّه أقام سنين مكبّلا بالحديد، مطروحا فى الجبّ عند مواليه، يتوهّمون جنونه، فإذا حضرت الصلاة (٣)، ألقى [الحديد و] القيود وخرج للسّياحة، فإذا طلع الفجر، نبع الماء فتوضّأ، وهذا


(١) كذا فى س و ا و ج، وفى بقية الأصول: «الجماعة».
(٢) انظر الحاشية رقم ٨ ص ١٨١.
(٣) كذا فى الأصول، فلعل المقصود صلاة المغرب أو العشاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>