صَاحِبِهِ إنْ تَعَيَّنَ لَهُ فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةٌ مَا بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ وَإِلَّا فَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ، وَلَا يُدْخِلْهُ فِي مَالِهِ، وَلَا يَنْتَفِعْ بِهِ وَهَذَا عَامٌّ فِي الثَّمَنِ وَالْمَثْمُونِ وَفِي الْوَرَّاقِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَوْ تَأَخَّرَ.
(فَصْلٌ)
وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْذَرَ مِنْ الْغِشِّ فِيمَا هُوَ يُحَاوِلُهُ.
مِثَالُهُ أَنْ يُعْطِيَ الدَّسْتَ الَّذِي يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَيَبِيعَهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الدَّسْتِ الَّذِي يُسَاوِي أَرْبَعَةً؛ لِأَنَّ الْوَرَقَ فِي ذَلِكَ يَخْتَلِفُ ثَمَنُهُ بِسَبَبِ صِفَتِهِ فَقَدْ يَكُونُ وَرَقًا زَائِدًا فِي الْبَيَاضِ وَفِي الصِّقَالِ وَيَكُونُ مِمَّا عُمِلَ فِي الصَّيْفِ وَآخَرُ عَكْسُهُ أَعْنِي فِيهِ سُمْرَةً وَنَقْصًا فِي الصِّقَالِ أَوْ الْبَيَاضَةِ وَعُمِلَ فِي الشِّتَاءِ وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ حَتَّى يَخْرُجَ بِبَيَانِهِ مِنْ الْغِشِّ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ دَخَلَ بِكِتْمَانِهِ تَحْتَ عُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» ثُمَّ لَا يَخْلُو بَيْعُهُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ أَنْ يَكُونَ مُسَاوَمَةً أَوْ مُرَابَحَةً. فَإِنْ كَانَ مُسَاوَمَةً فَهُوَ أَحْسَنُ وَأَخْلَصُ لِلذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَ مُرَابَحَةً فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي أَمْرِ الْبَزَّازِ مِنْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بِالدَّيْنِ أَوْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ. فَكُلُّ مَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ عَدَمِ التَّشَوُّفِ لِلْمُشْتَرِي وَالنَّظَرِ إلَيْهِ إذَا دَخَلَ السُّوقَ أَوْ وَقَفَ عَلَى غَيْرِهِ فَهُوَ مُشْتَرَطٌ فِي حَقِّ هَذَا وَغَيْرِهِ مِنْ جَمِيعِ الْمُتَسَبِّبِينَ.
وَلْيَحْذَرْ عِنْدَ شِرَائِهِ الْوَرَقَ مِنْ الْوَرَّاقَةِ أَنْ يَكُونَ فِي وَقْتٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ يُكْشَفُ فِيهِ عَلَى عَوْرَاتِ مَنْ يَعْمَلُ فِيهَا مِنْ الصُّنَّاعِ إذْ إنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْعَلُونَ فِي أَوْسَاطِهِمْ خِرْقَةً تَصِفُ الْعَوْرَةَ لِصِغَرِهَا وَانْحِصَارِهَا عَلَى الْعَوْرَةِ وَابْتِلَالِهَا بِالْمَاءِ وَالْفَخِذُ عَنْ آخِرِهِ مَكْشُوفٌ فَإِنْ دَخَلَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَهِيَ مَعْصِيَةٌ وَذَلِكَ مُنَاقِضٌ لِمَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ نِيَّتُهُ مِنْ أَنَّهُ يَعْمَلُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَيَحْتَاجُ لِهَذَا الْمَعْنَى أَنْ يَتَحَرَّى وَقْتًا يَكُونُونَ فِيهِ سَالِمِينَ مِمَّا ذُكِرَ.
وَلْيَحْذَرْ مِنْ أَنْ يَخْلِطَ الْوَرَقَ الْخَفِيفَ بِالْوَرَقِ الْجَيِّدِ الَّذِي يَصْلُحُ لِلنَّسْخِ؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute