كَقِصَّةِ الْبَطَّالِ وَعَنْتَرَةَ وَشَبَهِهِمَا فَإِنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ أَوْ الْحِكَايَاتِ الْمُضْحِكَةِ وَشِبْهِهَا فَإِنَّهُ مِمَّا لَا يَنْبَغِي.
وَكَذَلِكَ لَا يَنْسَخُ لِظَالِمٍ أَوْ مَنْ يُعِينُهُ عَلَى الظُّلْمِ أَوْ مَنْ فِي كَسْبِهِ شُبْهَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِهِ فَإِنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ دَخَلَ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢] {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٣] وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُبَيِّنَ الْحُرُوفَ فِي كِتَابَتِهِ، وَلَا يُعَلِّقُ خَطَّهُ حَتَّى لَا يَعْرِفَهُ إلَّا مَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ قَوِيَّةٌ بَلْ تَكُونُ الْحُرُوفُ بَيِّنَةً جَلِيَّةً فَلَا يَتْرُكُ شَيْئًا مِنْ الْحُرُوفِ الَّتِي تَحْتَاجُ إلَى النُّقَطِ دُونَ أَنْ يَنْقُطَهَا؛ لِأَنَّ الْبَاءَ تَخْتَلِفُ مَعَ التَّاءِ وَالثَّاءِ، وَلَا يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِالنُّقَطِ، وَكَذَلِكَ الْجِيمُ وَالْحَاءُ وَالْخَاءُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلْيَتَحَفَّظْ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِفِعْلِهِ تَعُمُّ الْمَنْفَعَةُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْقُطْ أَوْ يُعَلِّقْ خَطَّهُ عَكْسَ مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِمَّنْ يَكْتُبُ الْوَثَائِقَ فِي هَذَا الزَّمَانِ؛ لِأَنَّهُمْ اصْطَلَحُوا عَلَى شَيْءٍ لَا يَعْرِفُهُ غَيْرُهُمْ بَلْ بَعْضُهُمْ لَا يَعْرِفُ أَنْ يَقْرَأَ خَطَّ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ اصْطِلَاحًا يَخُصُّهُ فِي ذَلِكَ قَلَّ أَنْ يَعْرِفَهُ غَيْرُهُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ؛ لِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِمُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «يَا مُعَاوِيَةُ أَلْقِ الدَّوَاةَ وَحَرِّفْ الْقَلَمَ وَانْصِبْ الْبَاءَ وَفَرِّقْ السِّينَ، وَلَا تُعْوِرْ الْمِيمَ وَحَسِّنْ اللَّهَ وَمُدَّ الرَّحْمَنَ وَجَوِّدْ الرَّحِيمَ وَضَعْ قَلَمَك خَلْفَ أُذُنِك فَإِنَّهُ أَذْكَرُ لِلْمُمْلِي» وَفِي كُتُبِهِمْ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إضَاعَةُ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ وَعُقُودِ أَنْكِحَتِهِمْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمُوتَ الْكَاتِبُ أَوْ يَتَعَذَّرَ وُجُودُهُ، وَلَا يَعْرِفُ غَيْرُهُ أَنْ يَقْرَأَ مَا كَتَبَهُ فَإِذَا تَحَفَّظَ مِنْ هَذَا وَأَشْبَاهِهِ عَمَّتْ مَنْفَعَةُ كِتَابَتِهِ لِأَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُنَقِّطْ أَوْ يُعَلِّقْ خَطَّهُ.
وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْسَخَ بِالْحِبْرِ الَّذِي يَخْرِقُ الْوَرَقَ فَإِنَّ فِيهِ إضَاعَةَ الْمَالِ وَإِضَاعَةَ الْعِلْمِ الْمَكْتُوبِ بِهِ سِيَّمَا إنْ كَانَتْ نُسْخَةُ الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ مَعْدُومَةً أَوْ عَزِيزًا وُجُودُهَا وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ النَّسْخُ بِالْحِبْرِ الَّذِي يُمْحَى مِنْ الْوَرَقِ سَرِيعًا وَأَمَّا النَّسْخُ بِالْمِدَادِ الَّذِي تَسْوَدُّ بِهِ الْوَرَقَةُ وَتَخْتَلِطُ الْحُرُوفُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَهَذَا مُشَاهَدٌ مَرْئِيٌّ فَلَا شَكَّ فِي مَنْعِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute