اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكْتُبَ رِسَالَةً مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ وَمَا أَشْبَهَهَا فَنَعَمْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ كَكِتَابِ الْقَاضِي بِحُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْوَكَالَةِ وَغَيْرِهَا فَحُكْمُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي نَسْخِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ خَيْرَ الْخَطِّ مَا قُرِئَ.
وَيَنْبَغِي لَهُ أَنَّهُ إذَا جَلَسَ لِلنَّسْخِ أَنْ يَكُونَ عَلَى وُضُوءٍ فَإِنْ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَلْيَكُنْ فِي أَوَّلِ جُلُوسِهِ عَلَى وُضُوءٍ ثُمَّ يُغْتَفَرُ لَهُ مَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَنْسَخُ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْوُضُوءِ حِينَ يُبَاشِرُهُ فِي كُلِّ حِينٍ طَرَأَ عَلَيْهِ الْحَدَثُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ تَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ بِذَلِكَ الْحَدَثِ فَيَتَوَضَّأُ فِي أَوَّلِ جُلُوسِهِ وَيُغْتَفَرُ لَهُ مَا بَعْدَ ذَلِكَ.
(فَصْلٌ)
وَلْيَجْتَنِبْ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي حَقِّ الْخَيَّاطِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُمَاطَلَةِ بِالشُّغْلِ وَهَذَا أَوْلَى بَلْ أَوْجَبُ أَنْ يُوفِيَ بِمَا يَقُولُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَحْضِ الْعِبَادَةِ فَلَا يَشُوبُهَا بِمَا يُنَاقِضُهَا بِوُقُوعِهِ فِي خُلْفِ الْوَعْدِ بِقَوْلِهِ: غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ، ثُمَّ لَا يُوفِي بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يَحْذَرُ مِنْ وُقُوعِ الْأَيْمَانِ مِنْهُ فِيمَا يُحَاوِلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَزَّازِ وَغَيْرِهِ.
وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّهُ يَأْخُذُ النَّسْخَ مِنْ جَمَاعَةٍ فَيَنْسَخُ لِهَذَا وَلِهَذَا، وَلَا يُعْلِمُ أَحَدًا مِنْهُمْ أَنَّهُ يَنْسَخُ لِغَيْرِهِ وَذَلِكَ يُنَاقِضُ النُّصْحَ لِمَنْ لَمْ يُعْلِمْهُ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ الِاسْتِشْرَافِ وَالْحِرْصِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِمَا مِنْ الذَّمِّ.
وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْسَخَ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ فِي عِبَادَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ فِي سَبَبٍ وَالْأَسْبَابُ كُلُّهَا يُنَزَّهُ الْمَسْجِدُ عَنْهَا هَذَا إذَا لَمْ يُلَوِّثْهُ فَإِنْ تُوُقِّعَ ذَلِكَ مُنِعَ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا.
وَيَتَأَكَّدُ فِي حَقِّهِ أَنَّهُ إذَا سَمِعَ الْأَذَانَ أَنْ يَتْرُكَ مَا هُوَ فِيهِ وَيَشْتَغِلُ بِحِكَايَةِ الْمُؤَذِّنِ وَالتَّهَيُّؤِ لِإِيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فِي جَمَاعَةٍ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَذَانُ وَهُوَ يَكْتُبُ فِي أَثْنَاءِ الْوَرَقَةِ فَلَا يَتْرُكُ الْكِتَابَةَ حَتَّى يُكْمِلَهَا؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ خَطُّ الْوَرَقَةِ بِسَبَبِ قِيَامِهِ عَنْهَا فَيُمْهَلُ حَتَّى يُتِمَّهَا.
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute