للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَالْفَضَائِلِ وَمَا يُصْلِحُ الْعِبَادَةَ وَمَا يُفْسِدُهَا. وَالْعِلْمُ الرَّابِعُ - عِلْمُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُكَلَّفُ فِي مُخَالَطَتِهِ لِغَيْرِهِ مِنْ التَّحَفُّظِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى مَنْ خَالَطَهُ مِنْ الْوُقُوعِ فِيمَا لَا يَنْبَغِي وَذَلِكَ كَثِيرٌ؛ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ عُلُومٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا فَإِمَّا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا أَوْ يُعَلِّمَهَا لِمَنْ يَطْلُبُهَا مِنْهُ إنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُتْرَكُ الْمُتَسَبِّبُ مِنْ نِيَّةِ الْعَالِمِ مِثْلُ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَتَحِيَّتِهِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِمَّا لَا يَعْتَوِرُهُ فِي السُّوقِ أَوْ الدُّكَّانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(فَصْلٌ)

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنَّهُ إذَا جَاءَ إلَى دُكَّانِهِ أَنْ يَمْتَثِلَ السُّنَّةَ هُوَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَوْ تَأَخَّرَ فِي فِعْلِ الْآدَابِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي دُخُولِهِ بَيْتَهُ وَخُرُوجِهِ مِنْهُ مِثْلَ تَقْدِيمِ الْيَمِينِ وَتَأْخِيرِ الشِّمَالِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ مَعَ الِابْتِدَاءِ بِالتَّسْمِيَةِ وَالذِّكْرِ الْمَأْثُورِ فِي ذَلِكَ وَأَنْ يَبْدَأَ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ لِبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي دُخُولِهِ بَيْتَهُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ صِلَةٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَبْدَأُ بِهَذِهِ الصِّلَةِ الْعَظِيمَةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَأْخُذُ فِيمَا جَلَسَ إلَيْهِ. وَهَذَا مَعَ الْإِمْكَانِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ يَكُونُ الدُّكَّانُ لَيْسَ فِيهَا مَوْضِعٌ يَرْكَعُ فِيهِ فَيُعَوِّضُ عَنْ ذَلِكَ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى.

وَقَدْ حُكِيَ عَنْ السَّمَادِ أَحَدِ مَشَايِخِ الرِّسَالَةِ أَنَّهُ بَلَغَتْ بِهِ نَافِلَتُهُ فِي دُكَّانِهِ مَعَ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ خَمْسَمِائَةِ رَكْعَةٍ فِي الْيَوْمِ فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَنَفَّلُونَ فِي دَكَاكِينِهِمْ لَكِنْ مِنْهُمْ الْمُكْثِرُ وَمِنْهُمْ الْمُقِلُّ فَمَنْ قَدَرَ عَلَى التَّشَبُّهِ بِهِمْ كَانَ بِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّشَبُّهَ بِالْكِرَامِ فَلَاحٌ. وَيَنْبَغِي لَهُ أَنَّهُ مَهْمَا قَدَرَ أَنْ لَا يَجْلِسَ فِي دُكَّانِهِ إلَّا وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ الْقِبْلَةَ فَلْيَفْعَلْ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ إذَنْ (فَصْلٌ)

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَ الْمَفَاسِدَ الَّتِي تَعْتَوِرُهُ فِي صَنْعَتِهِ إذْ هِيَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ؛ لِأَنَّ بِتَجَنُّبِهَا يَحْصُلُ لَهُ الدُّخُولُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» وَقَدْ تَقَدَّمَ فَإِذَا تَجَنَّبَ الْمَفَاسِدَ فَقَدْ نَصَحَ لِإِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ فَتَحْصُلُ لَهُ شَهَادَةُ صَاحِبِ الشَّرْعِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ فَإِذَا سَلِمَ مِنْ الْمَفَاسِدِ صَحَّتْ لَهُ الْغَنِيمَةُ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى الضِّدِّ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>