للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ بِمَنِّهِ.

فَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَجْتَنِبَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنْ يُعْطِيَ الْكِتَابَ إلَى الصَّانِعِ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ عِوَضًا عَنْ أَشْيَاءَ جُمْلَةٍ وَذَلِكَ يُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ بَيْعِ الْجِلْدِ وَالْبِطَانَةِ وَالْحَرِيرِ وَبَيْنَ أُجْرَتِهِ فِي عَمَلِ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ مَجْهُولٌ.

وَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ - أَنْ يَأْتِيَ إلَى الصَّانِعِ بِالْجِلْدِ وَالْبِطَانَةِ وَالْحَرِيرِ مِنْ عِنْدِهِ وَيُؤَاجِرَهُ عَلَى عَمَلِ ذَلِكَ.

وَوَجْهٌ ثَانٍ - وَهُوَ أَنَّ الصَّانِعَ يُبَيِّنُ لَهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ وَيُعَيِّنُ ثَمَنَهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُؤَاجِرُهُ عَلَى صَنْعَتِهِ.

وَوَجْهٌ ثَالِثٌ - وَهُوَ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِي شِرَاءِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ثُمَّ يُؤَاجِرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى عَمَلِهِ.

فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ جَائِزَةٍ وَهِيَ يَسِيرَةٌ سَهْلَةُ الْمَدْرَكِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ تَلْحَقُهُمَا فِي ذَلِكَ ثُمَّ مَعَ هَذِهِ السُّهُولَةِ وَعَدَمِ الْمَشَقَّةِ يَتْرُكُ أَكْثَرُهُمْ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيَفْعَلُ مَا اعْتَادَهُ كَثِيرٌ مِمَّنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَمَضَى عَلَى أَثَرِهِ مَنْ لَهُ عِلْمٌ لِاسْتِئْنَاسِ النُّفُوسِ بِالْعَوَائِدِ الْمُحْدَثَةِ فَتَتَعَمَّرُ ذِمَّتُهُمَا مَعًا فَصَاحِبُ الْكِتَابِ تَتَعَمَّرُ ذِمَّتُهُ بِقِيمَةِ مَا أَخَذَ مِنْ الْجِلْدِ وَبِطَانَتِهِ وَالْحَرِيرِ وَأُجْرَةِ الصَّانِعِ وَالصَّانِعُ تَتَعَمَّرُ ذِمَّتُهُ بِمَا أَخَذَ مِنْ صَاحِبِ الْكِتَابِ وَالْعَجَبُ مِنْهُمْ كَيْفَ يَأْتُونَ بِكُتُبِ الْعِلْمِ وَيُجَلِّدُونَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ فِيهَا

(فَصْلٌ)

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْوَرَقِ الَّذِي يُبَطِّنُ بِهِ فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَى بَعْضِ الصُّنَّاعِ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنَّهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ الْوَرَقَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْرِفُوا مَا فِيهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهِ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ أَوْ حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَلَائِكَةِ أَوْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ، وَلَا امْتِهَانُهُ حُرْمَةً لَهُ وَتَعْظِيمًا لِقَدْرِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهِ أَسْمَاءُ الْعُلَمَاءِ أَوْ السَّلَفِ الصَّالِح - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَوْ الْعُلُومُ الشَّرْعِيَّةُ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ، وَلَا يُبْلَغُ بِهِ دَرَجَةُ التَّحْرِيمِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَطَالِبُ الْعِلْمِ أَوْلَى بِأَنْ يُنَزِّهَ نَفْسَهُ عَنْ الدُّخُولِ فِي الْمَكْرُوهِ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ الصَّانِعَ أَوْ يَظُنُّ بِهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ شَيْئًا مِمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>