للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَلَا يَعْمَلُ عِنْدَهُ شَيْئًا أَوْ يَعْمَلُ عِنْدَهُ بَعْدَ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ وَيَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ مِنْهُ.

وَلَا بَأْسَ أَنْ يُبَطِّنَ الْجِلْدَ بِالْأَوْرَاقِ الَّتِي فِيهَا الْحِسَابُ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَكْرُوهٍ إلَّا أَنَّهُ يَتَثَبَّتُ فِي ذَلِكَ وَيُمْهِلُ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ ضَاعَ لِبَعْضِ النَّاسِ الدَّفْتَرُ الَّذِي هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فَيَضِيعُ مَالُهُ بِسَبَبِهِ فَإِذَا كَانَ الصَّانِعُ مِمَّنْ يَتَحَفَّظُ مِنْ هَذَا وَأَمْثَالِهِ حُفِظَتْ عَلَى النَّاسِ أَمْوَالُهُمْ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ ضَائِعَةً عَلَيْهِمْ.

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَفَّظَ عَلَى عَدَدِ كَرَارِيسِ الْكِتَابِ وَأَوْرَاقِهِ فَلَا يُقَدِّمُ، وَلَا يُؤَخِّرُ الْكَرَارِيسَ، وَلَا الْأَوْرَاقَ عَنْ مَوَاضِعِهَا وَيَتَأَنَّى فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ النُّصْحِ وَتَرْكُهُ مِنْ الْغِشِّ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَحْتَاجُ الصَّانِعُ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِالِاسْتِخْرَاجِ لِيَعْرِفَ بِذَلِكَ اتِّصَالَ الْكَلَامِ بِمَا بَعْدَهُ أَوْ تَكُونَ عِنْده مُشَارَكَةٌ فِي الْعِلْمِ يَعْرِفُ بِهَا ذَلِكَ ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ يَحْتَرِزُ أَنْ يُوَلِّيَ عَمَلَهَا لِمَنْ لَا يَعْرِفُ تَمْيِيزَهَا مِنْ الصُّنَّاعِ وَالصِّبْيَانِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ الْكِتَابُ عَلَى صَاحِبِهِ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ هَذَا فِي هَذَا الزَّمَانِ فَيَتْعَبُ فِي عَمَلِهِ ثُمَّ مَعَ التَّعَبِ الْمَوْجُودِ يَأْكُلُ الْحَرَامَ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْ صَاحِبِهِ فَإِنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَى الصَّانِعِ إعَادَتُهُ، وَلَوْ مِرَارًا حَتَّى يَنْصَلِحَ، وَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ إلَّا الْعِوَضَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ مَا تَسَلَّمَهُ إلَّا أَنْ يَعْمَلَهُ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْ هَذَا وَأَشْبَاهِهِ

(فَصْلٌ)

وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الصَّانِعِ أَنْ لَا يُجَلِّدَ كِتَابًا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ الْبَاطِلَةِ؛ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ يَكُونُ مُعِينًا لَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ وَمَنْ أَعَانَ عَلَى شَيْءٍ كَانَ شَرِيكًا لِفَاعِلِهِ هَذَا وَجْهٌ. وَوَجْهٌ ثَانٍ وَهُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ أَوْ يُقَارِبُهُ وَهُوَ تَغْبِيطُهُمْ بِدِينِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا رَأَوْا أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُعِينُهُمْ سِيَّمَا عَلَى حِفْظِ مَا فِي كُتُبِهِمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ بِسَبَبِ ذَلِكَ. وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الْكِتَابَ الَّذِي أَتَوْا بِهِ إلَيْهِ مِنْ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ مِثْلُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَنْعِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ أَنَّهُمْ بَدَّلُوا وَحَرَّفُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>