للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذَّمِّ الْعَظِيمِ ثُمَّ يَرْتَكِبُونَهُ لَا لِضَرُورَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَلَا غَيْرِهَا بَلْ لِلْعَبَثِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ وَعَدَمِ مَنْ يَأْمُرُ أَوْ يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ ثُمَّ إنَّ بَعْضَهُمْ يَتَغَالَى فِي تَغْيِيرِ اسْمِ الشَّيْءِ الَّذِي يَبِيعُهُ فَيُنَادِي عَلَيْهِ بِاسْمٍ بَعِيدٍ مِنْهُ. مِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْجُمَّيْزِ: يَا فِرْصَادُ يَا عَسَلَ نَحْلٍ يَا أَحْلَى مِنْ التِّينِ، وَكُلُّ ذَلِكَ كَذِبٌ. وَبَعْضُهُمْ يَذْكُرُ فِي السِّلْعَةِ الَّتِي يَطُوفُ بِهَا مَنَافِعَ يَخْتَلِقُهَا وَيَسْمَعُهَا مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ بِذَلِكَ وَكُلُّهَا عَوَائِدُ اصْطَلَحُوا عَلَيْهَا وَذَلِكَ مُذْهِبٌ لِلْبَرَكَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْبَرَكَةَ تَذْهَبُ بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا وَهُوَ الِاسْتِشْرَافُ فَمَا بَالُك بِهَذَا وَأَمْثَالِهِ فَيَجْمَعُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ التَّعَبَ وَالنَّصَبَ وَالْمَشَقَّةَ وَقِلَّةَ الرِّزْقِ لِعَدَمِ الْبَرَكَةِ، نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ بِمَنِّهِ.

وَبَعْضُهُمْ تَكُونُ سِلْعَتُهُ رَدِيئَةً فَيَمْدَحُهَا وَيُثْنِي عَلَيْهَا. مِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ فِي الْكُرَّاثِ وَالْبَقْلِ اللَّذَيْنِ قَدْ ذَبَلَا: كُرَّاثٌ مَلِيحٌ بَقْلٌ مَلِيحٌ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمَعْهُودَةِ مِنْهُمْ.

وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ فَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ نِدَائِهِ عَلَى سِلْعَتِهِ وَبَيْعِهَا وَشِرَائِهَا. وَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: إنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ يُنْهَى عَنْهُ وَيُؤَدَّبُ وَيُزْجَرُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا تَكُونُ عَلَى مَا شُرِعَتْ عَلَيْهِ مِنْ التَّعَبُّدِ لَا أَنَّهَا تُذْكَرُ عَلَى السِّلَعِ حِينَ بَيْعِهَا وَشِرَائِهَا وَلَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِهِ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِيمَا اعْتَادَهُ بَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ مِنْ أَنَّهُ إذَا رَأَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ يَقُولُ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَكَذَلِكَ إذَا سَمِعَ الْأَذَانَ يُعَوِّضُ عَنْ حِكَايَةِ الْمُؤَذِّنِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُفْسَحَ لَهُ فِي الطَّرِيقِ يَقُولُ: صَلُّوا عَلَى مُحَمَّدٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ كَثِيرٌ وَبَعْضُهُمْ يَجْمَعُ بَيْنَ الْكَذِبِ حِينَ نِدَائِهِ عَلَى سِلْعَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سَبِيلِ الْعَادَةِ.

وَبَعْضُهُمْ يَجْمَعُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْأَيْمَانِ الْكَاذِبَةِ. وَاَلَّذِي يَتَعَيَّنُ مِنْ ذَلِكَ تَوْقِيرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاحْتِرَامُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>