وَتَعْظِيمُهُ بِأَنْ لَا يَذْكُرَ اسْمَهُ، وَلَا يُصَلِّيَ عَلَيْهِ إلَّا عَلَى سَبِيلِ التَّعَبُّدِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْعَوَائِدِ الْمُتَّخَذَةِ الْمُخَالِفَةِ لِلسَّلَفِ الْمَاضِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -. وَتُنْدَبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَسْوَاقِ وَالطُّرُقِ وَمَوَاضِعِ الْغَفْلَةِ كَمَا أَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فِيهَا سِرًّا وَعَلَنًا.
وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَمَنْ ارْتَكَبَ مِنْ الْبَيَّاعِينَ أَوْ الطَّوَّافِينَ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ فَيُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَتَجَنَّبَهُمْ بِعَدَمِ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ لَكِنْ بَعْدَ أَنْ يُعْلِمَهُمْ أَنَّهُ مَا امْتَنَعَ مِنْ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ إلَّا لِأَجْلِ تَعَاطِيهِمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ فِي حَقِّهِمْ بِشَيْئَيْنِ:
الْأَوَّلُ: عَدَمُ الْإِعَانَةِ لَهُمْ.
وَالثَّانِي: الْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ. وَمَنْ سَمِعَهُمْ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِ مِنْهُمْ يُؤْمَرُ بِالْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ فَقَطْ.
ثُمَّ إنَّ الْإِنْكَارَ عَلَى مَنْ ارْتَكَبَ شَيْئًا مِنْ الْمُخَالَفَاتِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ مَنْ قَامَ بِهِ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ. لَكِنْ إنَّمَا يَلْزَمُ الْإِنْكَارُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُفِيدُ وَيُقْبَلُ مِنْهُ. وَيُنْدَبُ لَهُ إذَا ظَنَّ أَنَّهُ يُسْمَعُ مِنْهُ.
وَيُكْرَهُ لَهُ أَوْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إذَا عَلِمَ أَنَّ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ يَزِيدُ فِي الْوُقُوعِ فِي تِلْكَ الْمُخَالَفَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِثَالُهُ أَنْ يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ فَيَقَعَ فِي مَعْصِيَةٍ أُخْرَى بِأَنْ يَشْتُمَ أَوْ يَقْذِفَ مَنْ نَهَاهُ وَيَشْتُمَهُ وَيَقْذِفَهُ الْآخَرُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَقَعُ مِنْ بَعْضِهِمْ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ فَلْيُعْرِضْ عَمَّنْ هَذَا حَالُهُ لَكِنْ لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يُعَوِّضَ عَنْ ذَلِكَ امْتِثَالَ السُّنَّةِ بِأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنَّ هَذَا مُنْكَرٌ " ثَلَاثًا " وَقَدْ تَقَدَّمَ.
ثُمَّ إنَّ مِنْ الْبَيَّاعِينَ مَنْ يَقِفُ بِمَوْضِعٍ فِي السُّوقِ أَوْ الطَّرِيقِ فَهَذَا يُمْنَعُ مِنْ فِعْلِهِ وَيُمْنَعُ الشِّرَاءُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ لِلْمُسْلِمِينَ مَوَاضِعَ مُرُورِهِمْ لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ إنْ كَانَ الطَّرِيقُ ضَيِّقًا، وَلَوْ لَمْ يُضَيِّقْ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ لِوُسْعِ الطَّرِيقِ فَيُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَضْيِيقِهَا بِكَثْرَةِ الْجُلُوسِ فِيهَا وَلِأَنَّ فِي الشِّرَاءِ مِنْهُ إعَانَةً لَهُ عَلَى مَا يَتَعَاطَاهُ مِمَّا هُوَ مَمْنُوعٌ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَفِيهِ عَدَمُ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَطُوفُ عَلَى الْبُيُوتِ وَيَدْخُلُ الْأَزِقَّةَ وَيَسْلُكُ الْمَوَاضِعَ الْبَعِيدَةَ مِنْ السُّوقِ فَهَذَا جَائِزٌ لَهُ أَنْ يَمُرَّ فِي حَاجَتِهِ كَمَا يَمُرُّ غَيْرُهُ وَيُغْتَفَرُ لَهُ الْوُقُوفُ عَلَى بَابِ مَنْ يَبِيعُ لَهُ وَفِي أَثْنَاءِ مُرُورِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى قَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute