للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصِيَانَةِ حَرِيمِهِمْ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْأَسْوَاقِ.

لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ أَنْ لَا يَرْتَكِبَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الطَّوَّافِينَ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْ أَنَّهُ يَبِيعُ لِلْمَرْأَةِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ إلَى مَوْضِعٍ بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ مَنْ يَمُرُّ فِي الطَّرِيقِ فَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ فَتَشْتَرِي مِنْهُ فَهَذَا يُمْنَعُ مِنْهُ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَلْوَةٌ بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَهُوَ مُحَرَّمٌ وَإِنْ كَانَا لَمْ يَقْصِدَاهُ وَأَمَّا دُخُولُهُ فِي الْبَيْتِ فَيُمْنَعُ مِنْهُ وَإِنْ أَذِنَتْ لَهُ وَإِنْ كَانَ فِي حَوْزِهَا.

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إذَا وَقَعَتْ السَّلَامَةُ مِمَّا ذُكِرَ أَنْ يَغُضَّ طَرْفَهُ حِينَ بَيْعِهِ لِلْمَرْأَةِ فَلَا يَنْظُرُ إلَّا إلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ أَوْ فِي سِلْعَتِهِ. وَجَمِيعُ مَا ذُكِرَ فِي حَقِّ الطَّوَّافِينَ مُتَعَيَّنٌ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْبَيَّاعِينَ لَهُنَّ مِنْ الْأُجَرَاءِ مِثْلِ مَنْ يَبِيعُ الْكَتَّانَ وَاللَّبَنَ وَالزَّيْتَ الْحَارَّ وَالسَّقَّاءِ وَالطَّحَّانَ. وَمِنْ الصُّنَّاعِ كَالْمُزَيِّنِ وَالْبَنَّاءِ وَالنَّجَّارِ وَالْمُزَرِّبِ وَالْمُبَلِّطِ وَمَنْ شَابَهَهُمْ فَيَتَحَفَّظُ أَنْ يَقَعَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَحْدَثَهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ. مِثَالُهُ أَنْ يَأْتِيَ مَنْ يَبِيعُ الْكَتَّانَ فَتَارَةً يَخْلُو بِالْمَرْأَةِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَتَارَةً تَأْتِي هِيَ وَغَيْرُهَا مِنْ النِّسَاءِ فَيَجْتَمِعْنَ عَلَيْهِ وَيَقَعُ بِسَبَبِ اجْتِمَاعِهِنَّ مَعَهُ وَمُحَادَثَتِهِنَّ لَهُ أَشْيَاءُ مَمْنُوعَةٌ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُنَّ يَخْرُجْنَ عَلَيْهِ دُونَ حِجَابٍ وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُهُنَّ عَلَيْهَا الثَّوْبُ الرَّقِيقُ الَّذِي يَصِفُ أَوْ يَشِفُّ أَوْ هُمَا مَعًا وَقَدْ يَكُونُ عَلَيْهَا الثَّوْبُ الْقَصِيرُ دُونَ سَرَاوِيلَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ عَوَائِدِهِنَّ فِي الْوَقْتِ وَمَعَ ذَلِكَ يَزْعُمْنَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَيَخْتَلِقْنَ أَحْكَامًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِنَّ بِأَنْ يَقُلْنَ: إنَّ الْكَتَّانِيَّ وَالسَّقَّاءَ وَمَنْ أَشْبَهَهُمَا لَيْسُوا مِنْ الرِّجَالِ الَّذِينَ يُسْتَحَى مِنْهُمْ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ اللَّعِينَ لَا يُوقِعُ النَّاسَ بِغَوَايَتِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُخَالَفَةِ حَتَّى يَدُسَّ لَهُمْ فِيهَا مَا يَبْعَثُهُمْ عَلَى قَبُولِهَا مِنْهُ بِأَنْ يُلْقِيَ لَهُمْ وُجُوهًا مِنْ التَّعَالِيلِ. وَهَذِهِ بَلِيَّةٌ قَدْ حَدَثَتْ فِي الْأَكْثَرِ مِنْهُنَّ. مِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْأَشْرَافِ مِنْ النِّسَاءِ يَزْعُمْنَ أَنَّهُنَّ لَا يَسْتَحْيِينَ إلَّا مِنْ شَرِيفٍ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا وَبَعْضُ النِّسْوَةِ مِنْ الْأَشْرَافِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ لَا يَحْتَجِبْنَ مِنْ الْغَرِيبِ أَصْلًا وَيَتَحَدَّثْنَ مَعَهُ وَيُطِلْنَ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْبَسْطِ مِنْهُنَّ مَعَهُ وَيَزْعُمْنَ أَنَّ الْغَرِيبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>