وَعِشْرِينَ كَانَ لَهُ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ.
وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
قَالَ عُلَمَاؤُنَا: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ إلَى نَوْعٍ مِنْ الْكَيِّ مَكْرُوهٍ بِدَلِيلِ كَيِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُبَيًّا يَوْمَ الْأَحْزَابِ عَلَى أَكْحَلِهِ لَمَّا رُمِيَ.
وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَوَى نَفْسَهُ» حَكَاهُ الطَّبَرِيُّ وَالْحَلِيمِيُّ. وَكَوَى سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الَّذِي اهْتَزَّ لَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَقَدْ اكْتَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ.
وَقَدْ كَانَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَعْرَفَ النَّاسِ بِالطِّبِّ فَسُئِلَتْ عَنْ مُوجِبِ ذَلِكَ فَقَالَتْ: مِنْ كَثْرَةِ أَمْرَاضِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى لَهُ: وَحُكِيَ أَنَّ طَبِيبًا عَارِفًا نَصْرَانِيًّا قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: لَيْسَ فِي كِتَابِكُمْ مِنْ عِلْمِ الطِّبِّ شَيْءٌ وَالْعِلْمُ عِلْمَانِ: عِلْمُ الْأَدْيَانِ وَعِلْمُ الْأَبَدَانِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: جَمَعَ اللَّهُ الطِّبَّ فِي نِصْفِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِنَا فَقَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} [الأعراف: ٣١] فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ، وَلَا يُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِكُمْ شَيْءٌ مِنْ الطِّبِّ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: رَسُولُنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ الطِّبَّ فِي أَلْفَاظٍ يَسِيرَةٍ؛ فَقَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ «الْمَعِدَةُ بَيْتُ الدَّاءِ وَالْحِمْيَةُ رَأْسُ كُلِّ دَوَاءٍ وَأَعْطِ كُلَّ جِسْمٍ مَا عَوَّدْته» فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: مَا تَرَكَ كِتَابُكُمْ، وَلَا نَبِيُّكُمْ لِجَالِينُوسَ طِبًّا.
قَالَ عُلَمَاؤُنَا: يُقَالُ: إنَّ مُعَالَجَةَ الطَّبِيبِ نِصْفَانِ: نِصْفٌ دَوَاءٌ وَنِصْفٌ حِمْيَةٌ، فَإِنْ اجْتَمَعَا فَكَأَنَّك بِالْمَرِيضِ وَقَدْ بَرِئَ وَصَحَّ وَإِلَّا فَالْحِمْيَةُ بِهِ أَوْلَى إذْ لَا يَنْفَعُ دَوَاءٌ مَعَ تَرْكِ الْحِمْيَةِ وَقَدْ تَنْفَعُ الْحِمْيَةُ مَعَ تَرْكِ الدَّوَاءِ.
وَلَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَصْلُ كُلِّ دَوَاءٍ الْحِمْيَةُ» وَالْمَعْنَى بِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا تُغْنِي عَنْ كُلِّ دَوَاءٍ. وَلِذَلِكَ يُقَالُ: إنَّ أَهْلَ الْهِنْدِ جُلُّ مُعَالَجَتِهِمْ الْحِمْيَةُ يُمْنَعُ الْمَرِيضُ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْكَلَامِ عِدَّةَ أَيَّامٍ فَيَبْرَأُ وَيَصِحُّ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: أَكْبَرُ الدَّوَاءِ تَقْدِيرُ الْغِذَاءِ. وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا شَافِيًا يُغْنِي عَنْ كُلِّ كَلَامِ الْأَطِبَّاءِ فَقَالَ «مَا مَلَأَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute