وَدَعْوَاهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ رَفْعُهَا وَإِلْحَاقُهَا بِالْأَمْرِ الْمَطْرُوحِ الْمَدْفُوعِ وَغُلُوُّهُ فِي ذَلِكَ وَإِسْرَافُهُ، وَغُلُوُّ النَّاسِ فِي مُشَاقَّتِهِ وَخِلَافِهِ حَتَّى ضُرِبَ لَهُ الْمَثَلُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى} [العلق: ٩] {عَبْدًا إِذَا صَلَّى} [العلق: ١٠] إلَى {كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: ١٩] فَرَغِبْتُمْ فِي أَنْ أُبَيِّنَ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ وَأُوَضِّحَهُ أُزَيِّفَ الزَّائِفَ مِنْهُ وَأُزَحْزِحَهُ فَاسْتَعَنْتُ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ وَاسْتَخَرْته، وَأَوْجَزْت الْقَوْلَ فِيهِ وَاخْتَصَرْته وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَمَا تَوْفِيقِي إلَّا بِاَللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْت وَإِلَيْهِ أُنِيبُ.
وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. أَمَّا قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ خُطْبَتِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَبَانَ مَنَارَ الْحَقِّ وَأَنَارَهُ. فَهَذَا اللَّفْظُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ عِنْدَهُ إقَامَةُ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَإِشَاعَتُهَا فِي الْمَسَاجِدِ فِي جَمَاعَةٍ وَكَيْفَ تَكُونُ مِنْ الْحَقِّ النَّيِّرِ الْمُبِينِ، وَهُوَ قَدْ نَقَلَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْوَارِدَ بِهَا مَوْضُوعٌ، وَأَنَّهَا حَدَثَتْ فِي الْقَرْنِ الْخَامِسِ فَهَذَا تَنَاقُضٌ فِي الْقَوْلِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْبَيِّنَ هُوَ الَّذِي لَا نَكِيرَ لَهُ، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي أَرَادَ إثْبَاتَهَا قَدْ أَنْكَرَهَا الْعُلَمَاءُ.
وَقَوْلُهُ وَأَزَالَ مَنْ حَادَ عَنْ سَبِيلِهِ وَأَبَارَهُ فَهَذَا اللَّفْظُ مِنْهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا أَرَادَهُ مِنْ صِحَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا أَنَّهَا بِدْعَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَأَنَّهَا مُحْدَثَةٌ وَهُوَ يُشِيرُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْعُلَمَاءَ الَّذِينَ أَنْكَرُوهَا غَلِطُوا فِي ذَلِكَ وَنِسْبَةُ الْغَلَطِ إلَيْهِ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّ مَا خَالَفَ السُّنَّةَ الْمُحَمَّدِيَّةَ كُلُّهُ بَاطِلٌ وَالْبَاطِلُ هُوَ الزَّائِفُ الَّذِي لَا يَقُومُ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى سَاقٍ. وَقَوْلُهُ سَأَلْتُمْ أَرْشَدَكُمْ اللَّهُ وَإِيَّايَ عَمَّا رَامَهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ إزَالَةِ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ وَتَعْطِيلِهَا.
فَقَوْلُهُ وَتَعْطِيلِهَا، التَّعْطِيلُ إنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى أَمْرٍ مَشْرُوعٍ عُطِّلَ هَذَا هُوَ التَّعْطِيلُ الْمَعْرُوفُ، وَأَمَّا تَعْطِيلُ مَا أُحْدِثَ فَلَيْسَ بِتَعْطِيلٍ بَلْ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ.
وَقَوْلُهُ وَمَنْعِ النَّاسِ مِنْ عِبَادَةٍ اعْتَادُوهَا الْعِبَادَةُ هِيَ مَا قَرَّرَهَا الشَّرْعُ الشَّرِيفُ وَبَيَّنَهَا، وَمَا لَمْ يُقَرِّرْهُ فَلَيْسَ بِعِبَادِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ثُمَّ لَا يَخْلُو الْمَانِعُ لَهَا إمَّا أَنْ يَمْنَعَهَا لِكَوْنِ الْحَدِيثِ عِنْدَهُ مَوْضُوعًا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَيَمْنَعُهَا أَلْبَتَّةَ، وَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ عِنْدَهُ ضَعِيفًا فَيَمْنَعُهَا جَمَاعَةً فِي الْمَسَاجِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute