فَالْجَوَابُ أَنَّهَا، وَإِنْ جَاءَتْ فَفِعْلُهَا فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ فِي تَشْرِيعٍ وَشَعَائِرَ ظَاهِرٌ، وَهَذَا الْكَلَامُ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ الْأَوْصَافِ الزَّائِدَةِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ صَلَاةَ الرَّغَائِبِ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ الْأَمْرِ بِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ عَدَمِ دُخُولِهَا فِيهِ فَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ لَهُ الْعُمُومُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْجَوَابِ عَمَّا فِيهَا مِنْ الْأَوْصَافِ الزَّائِدَةِ إذْ أَنَّ ذَاتَ الشَّيْءِ إذَا لَمْ تَدْخُلْ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى صِفَتُهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يُرِدْ إذْنَ حَدِيثٍ أَصْلًا بِصَلَاةِ الرَّغَائِبِ بِعَيْنِهَا وَوَصْفِهَا لَكَانَ فِعْلُهَا مَشْرُوعًا لِمَا ذَكَرْنَاهُ. قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي عُمُومِ الصَّلَاةِ، وَإِذَا لَمْ تَدْخُلْ ذَاتُهَا فَمَا فِيهَا مِنْ الْأَوْصَافِ الزَّائِدَةِ مِنْ بَابِ أَوْلَى فَبَانَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَشْرُوعَةٍ كَمَا ذَكَرَ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِيهَا فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى أَنَّهُ مَوْضُوعٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ فَلَا يُنْكَرُ الْعَمَلُ بِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ. وَقَوْلُهُ وَكَمْ مِنْ صَلَاةٍ مَقْبُولَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى وَصْفٍ خَاصٍّ لَمْ يَرِدْ بِوَصْفِهَا ذَلِكَ نَصٌّ خَاصٌّ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ ثُمَّ لَا يُقَالُ إنَّهَا بِدْعَةٌ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ إنَّهَا بِدْعَةٌ لَقَالَ مَعَ ذَلِكَ إنَّهَا بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ لِكَوْنِهَا رَاجِعَةً إلَى أَصْلٍ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ بِوَاقِعٍ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِهَا بَيَّنَهَا الشَّارِعُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ وَبَيَّنَ أَوْقَاتَهَا وَأَسْمَاءَهَا وَجَمِيعَ صِفَاتِهَا حَتَّى الْقِرَاءَةَ فِيهَا فَمَا زَادَ عَلَى بَيَانِهِ فَهُوَ حَدَثٌ فِي الدِّينِ فَإِذَا أَتَى الْمُصَلِّي بِذَلِكَ كُلِّهِ حَكَمَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْقَبُولِ أَوْ الرَّدِّ إذْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِمَا وَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ هَذَا وَهِيَ الصَّلَاةُ الْمَشْرُوعَةُ الَّتِي بِهَا قِوَامُ الدِّينِ فَمَا بَالُك بِصَلَاةٍ غَيْرِ مَعْرُوفَةٍ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ، وَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ فِيهِ فَهُوَ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَالضَّلَالَةُ لَا تَكُونُ مُتَقَبَّلَةً.
وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَمَّا قَالَ لَهُ هَنِيئًا لَك يَا أَبَتِ تَصَدَّقْت الْيَوْمَ بِكَذَا وَكَذَا فَقَالَ لَهُ: وَاَللَّهِ لَوْ عَلِمَ أَبُوك أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَقَبَّلَ مِنْهُ حَسَنَةً وَاحِدَةً مَا كَانَ شَيْءٌ أَشْهَى لَهُ مِنْ الْمَوْتِ. هَذَا إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِلَفْظِ الْقَبُولِ الْقَبُولَ عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute