للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ، وَهِيَ اجْتِمَاعُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ مُخْتَلِطِينَ بِسَبَبِ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ فَوَجَدُوا الْوَسِيلَةَ فِيهَا إلَى أَغْرَاضِهِمْ الْخَسِيسَةِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ مَا يَفْعَلُونَهُ فِي صَلَاةِ الرَّغَائِبِ وَمَا يَجْرِي فِيهَا وَفِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَغَيْرِهِمَا فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إعَادَتِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَرْضَاهُ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَمِمَّا يُجَابُ بِهِ عَنْهَا أَنْ يُقَالَ لَهُ صَلِّ هَذِهِ الصَّلَاةَ وَتَجَنَّبْ وَجَنِّبْ فِيهَا مَا زَعَمْت أَنَّهُ مَحْذُورٌ وَجَوَابُهُ مَا سَبَقَ، وَهُوَ سِتَّةُ أَشْيَاءَ:

أَحَدُهَا: تَكْرَارُ السُّورَةِ.

ثَانِيهَا: السَّجْدَتَانِ الْمُفْرَدَتَانِ عَقِبَ هَذِهِ الصَّلَاةِ.

ثَالِثُهَا: مَا فِيهَا مِنْ التَّقَيُّدِ بِعَدَدٍ خَاصٍّ بِغَيْرِ نَصٍّ.

رَابِعُهَا: مَا فِيهَا مِنْ أَنَّ عَدَّ السُّوَرِ وَالتَّسْبِيحِ وَغَيْرِهِمَا مَكْرُوهٌ لِشَغْلِ الْقَلْبِ.

خَامِسُهَا: فِعْلُهَا جَمَاعَةً.

سَادِسُهَا: كَوْنُهَا صَارَتْ شِعَارًا ظَاهِرًا حَادِثًا وَيُمْنَعُ إحْدَاثُ شِعَارٍ ظَاهِرٍ.

وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ لَا يَخْلُو أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا فِي بَيْتِهِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ ضَعِيفًا كَمَا سَبَقَ فَهَذَا مِمَّا لَا يُنَازِعُ فِيهِ لَكِنْ عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَمَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا فِي الْمَسَاجِدِ جَمَاعَةً أَوْ فِي الْمَوَاضِعِ الْمَشْهُورَةِ فَإِذَا تَجَنَّبَهَا بِمَا فِيهَا لَا يُمْكِنُ فِعْلُهَا، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ صَلِّ هَذِهِ الصَّلَاةَ جَمَاعَةً بِمَا فِيهَا، وَلَا تُصَلِّهَا وَهِيَ كَذَلِكَ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ بَيِّنٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ صَلِّ هَذِهِ الصَّلَاةَ أَمْرٌ مِنْهُ لَهُ بِفِعْلِهَا وَقَوْلُهُ وَتَجَنَّبْ وَجَنِّبْ فِيهَا مَا زَعَمْت أَنَّهُ مَحْذُورٌ نَهْيٌ مِنْهُ عَنْ إيقَاعِهَا؛ لِأَنَّهَا إنْ فُعِلَتْ خَالِيَةً عَنْ تِلْكَ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ، فَلَيْسَتْ هِيَ الصِّفَةُ الَّتِي يُنَازَعُ فِيهَا. وَقَوْلُهُ، وَهُوَ مُعْتَدٌّ مِنْهَا بِقَوْلِهِ إنَّ فِي ذَلِكَ اخْتِصَاصَ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِالْقِيَامِ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ مِنْ حَالِ مَنْ يُصَلِّي صَلَاةَ الرَّغَائِبِ أَنْ يَدَعَ فِي بَاقِي لَيَالِيِهِ صَلَاةَ اللَّيْلِ، وَمَنْ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ يَكُنْ مُخَصِّصًا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِالْقِيَامِ، وَهَذَا وَاضِحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْجَوَابُ عَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ بِأَنَّهُ إذَا قَامَ لَيْلَةً غَيْرَهَا لَمْ يَكُنْ مُخَصِّصًا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِالْقِيَامِ فَتِلْكَ الْأَوْصَافُ الْمَذْكُورَةُ مَانِعَةٌ مِنْ فِعْلِهَا كَمَا تَقَدَّمَ.

وَقَوْلُهُ فَقَدْ صَحَّ بِمَا بَيَّنَّاهُ وَأَصَّلْنَاهُ أَنَّ صَلَاةَ الرَّغَائِبِ غَيْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>