للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُلْحَقَةٍ بِالْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ، وَأَنَّ الْحَوَادِثَ ذَوَاتُ وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ مُشْتَبِهَةٍ فَمَنْ لَمْ يُمَيِّزْ كَانَ بِصَدَدِ إلْحَاقِ الشَّيْءِ مِنْهَا بِغَيْرِ نَظِيرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ كُلِّ مَا رَامَهُ مِنْ فِعْلِهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا بِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ فِي الْقَرْنِ الْخَامِسِ عَلَى مَا ذَكَرَ هُوَ وَغَيْرُهُ وَالْحَدَثُ فِي الدِّينِ مَمْنُوعٌ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْحَوَادِثَ ذَوَاتُ وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ مُشْتَبِهَةٍ. فَقَدْ تَبَيَّنَّ أَنَّهَا مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ لِمَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ عَنْ الْعُلَمَاءِ فِي إنْكَارِهَا، وَهُمْ أَعْلَمُ بِالْحَوَادِثِ، وَوُجُوهِهَا، وَمِنْ أَيِّ قِسْمٍ هُوَ مَا حَدَثَ وَقَدْ عَدُّوهَا مِنْ الْحَوَادِثِ الْمُنْكَرَةِ لَا مِنْ الْحَوَادِثِ الْمُسْتَحَبَّةِ أَوْ الْجَائِزَةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ فَمَنْ لَمْ يُمَيِّزْ كَانَ بِصَدَدِ إلْحَاقِ الشَّيْءِ مِنْهَا بِغَيْرِ نَظِيرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَعِبَارَتُهُ هَذِهِ تُفْهِمُ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَمْ يُمَيِّزُوا أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا الشَّيْءَ بِغَيْرِ نَظِيرِهِ، وَأَنَّهُ قَدْ مَيَّزَ مَا لَمْ يُمَيِّزُوا، وَأَنَّهُ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِمْ مَا وَهَمُوا فِيهِ وَغَلِطُوا وَأَلْحَقَ الشَّيْءَ بِنَظِيرِهِ فَأَصَابَ دُونَهُمْ عَلَى زَعْمِهِ وَقَوْلُهُ، فَهَذَا بَيَانٌ شَافٍ يَتَضَاءَلُ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ الْعَظِيمُ خِلَافُ الْمُخَالِفِ، وَيَتَبَدَّلُ بِهِ وَصْفُهُ إذَا لَمْ يُعَانِدْ بِوَصْفِ الْمُوَافِقِ الْمُؤَالِفِ يَعْنِي أَنَّهُ بَيَانٌ شَافٍ عَلَى مَا ظَهَرَ لَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ فِي إنْكَارِهَا، وَالْجَوَابُ عَمَّا أَتَى بِهِ كُلِّهِ فَلَا حَاجَةَ تَدْعُو إلَى إعَادَتِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُعَانِدْ إلَخْ فِيهِ مَا فِيهِ إذْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ مُبَرَّءُونَ عَنْ الْعِنَادِ؛ لِأَنَّ الْعِنَادَ هُوَ رَدُّ الْحَقِّ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِأَنَّهُ حَقٌّ. وَقَوْلُهُ وَلَا تَبْقَى لَهُ إلَّا جَعْجَعَةٌ لَا طَائِلَ وَرَاءَهَا وَقَعْقَعَةٌ وَإِيهَامَاتٌ لَا يَغْتَرُّ بِهَا إلَّا شِرْذِمَةٌ أَفْسَدَتْ أَهْوَاؤُهَا آرَاءَهَا فَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بَعِيدٌ مِنْ أَوْصَافِ الْعُلَمَاءِ إذْ أَنَّ الْعَالِمَ يُنَزِّهُ لِسَانَهُ عَنْ أَنْ يَصِفَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الذَّمِيمَةِ أَحَدًا مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ، فَكَيْفَ يَصِفُ بِهَا الْعُلَمَاءَ الْعَامِلِينَ سِيَّمَا الْمُتَّبِعِينَ مِنْهُمْ الْمُحَافِظِينَ عَلَى سُنَّةِ نَبِيِّهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذَّابِّينَ عَنْهَا، وَأَظُنُّ هَذَا الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ مُرْتَجَلٌ عَلَى هَذَا الْقَائِلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي مِثْلِ هَذَا إلَّا مَنْ لَا يَعْرِفُ قَدْرَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسُّنَّةِ وَلَا قَدْرَ الْوَعِيدِ لِمَنْ وَقَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>