للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْزِلَا إلَى قَبْرِهِ وَاعْبُدَانِي وَاكْتُبَا لَهُ ذَلِكَ فِي صَحِيفَتِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» فَانْظُرْ إلَى هَذِهِ الْمِنَّةِ الْعُظْمَى وَالْكَرْمِ الشَّامِلِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا ذَلِكَ يَا ذَا الْفَضْلِ الْعَظِيمِ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْتَبِرَ فِي حَالِ أَكْلِهِ وَكَيْفِيَّةِ أَمْرِهِ فَيَكُونُ مَشْغُولًا بِذَلِكَ التَّفَكُّرِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَجِيءُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَؤُلَاءِ بَقِيَ أَكْلُهُمْ أَكْلَ الْمَرْضَى وَنَوْمُهُمْ نَوْمَ الْغَرْقَى فَيَكُونُ مُشْعِرًا نَفْسَهُ بِذَلِكَ مُتَهَيِّئًا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَغَيْرِهَا.

وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُسَمِّي عِنْدَ كُلِّ لُقْمَةٍ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ وَإِنْ كَانَ حَسَنًا فَالِاتِّبَاعُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَضَى، وَلَا يُسَمِّي عِنْدَ كُلِّ لُقْمَةٍ إذْ أَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ فَنَحْنُ مُتَّبِعُونَ لَا مُشَرِّعُونَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ الْمُتَّبِعِينَ، وَكَذَلِكَ لَا يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا وَرَدَ بِسْمِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حَسَنًا.

وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْعَلَ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَقُولُ فِي أَوَّلِ لُقْمَةٍ بِسْمِ اللَّهِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ وَفِي الثَّالِثَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ثُمَّ يُسَمِّي بَعْدَ ذَلِكَ فِي كُلِّ لُقْمَةٍ وَهَذَا مِثْلُ مَا سُئِلَ عَنْهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حِينَ قِيلَ لَهُ كَيْفَ نَقُولُ فِي الرُّكُوعِ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ، أَوْ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَقُولُ وَبِحَمْدِهِ تَحَفُّظًا مِنْهُ عَلَى الِاتِّبَاعِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ إلَى مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إذْ أَنَّهُ ذِكْرٌ حُسْنٌ لَكِنَّ الِاتِّبَاعَ لَا يَفُوقُهُ غَيْرُهُ أَبَدًا، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَأْكُلَ وَهُوَ قَائِمٌ، أَوْ مَاشٍ بَلْ حَتَّى يَجْلِسَ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْسِنَ الْجُلُوسَ إلَى الطَّعَامِ عَلَى الْهَيْئَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَهُوَ أَنْ يُقِيمَ رُكْبَتَهُ الْيُمْنَى وَيَضَعَ الْيُسْرَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْلِسَ عَلَيْهَا وَالْهَيْئَةُ الثَّانِيَةُ الشَّرْعِيَّةُ أَنْ يُقِيمُهُمَا مَعًا وَالْهَيْئَةُ الثَّالِثَةُ الشَّرْعِيَّةُ أَنْ يَجْلِسَ كَجُلُوسِهِ لِلصَّلَاةِ، وَأَمَّا جُلُوسُ الْمُتَرَبِّعِ وَالْجَالِسِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ الْكَابِّ رَأْسَهُ عَلَى الطَّعَامِ فَهَاتَانِ مَنْهِيٌّ عَنْهُمَا وَإِنَّمَا كُرِهَ أَنْ يَكُبَّ رَأْسَهُ لِئَلَّا يَقَعَ شَيْءٌ مِنْ فَضَلَاتِ فَمِهِ فِي الطَّعَامِ سِيَّمَا إذَا كَانَ سُخْنًا فَيَعَافُهُ هُوَ فِي نَفْسِهِ وَيَعَافُهُ غَيْرُهُ سِيَّمَا إنْ كَانَتْ الْعِمَامَةُ كَبِيرَةً فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِمَنْعِ غَيْرِهِ مِنْ مَدِّ يَدِهِ لِلْمَائِدَةِ، أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>