للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«مَنْ نَشَدَ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْك» .

وَقَدْ وَرَدَ «مَنْ سَأَلَ فِي الْمَسْجِدِ فَاحْرِمُوهُ» ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَسْجِدُنَا هَذَا لَا تُرْفَعُ فِيهِ الْأَصْوَاتُ» وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ مَجَانِينَكُمْ وَصِبْيَانَكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ، وَاجْعَلُوا وُضُوءَكُمْ عَلَى أَبْوَابِ مَسَاجِدِكُمْ» انْتَهَى.

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى صَلَاةِ الرَّغَائِبِ فِي أَوَّلِ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَصَلَاةُ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِمَا فِيهَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِعْلَ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ فِي جَمَاعَةٍ بِدْعَةٌ، وَلَوْ صَلَّاهَا إنْسَانٌ وَحْدَهُ سِرًّا لَجَازَ ذَلِكَ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ لِقَاعِدَةِ مَذْهَبِهِ فِي كَرَاهِيَتِهِ تَكْرَارِ السُّورَةِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ

يَا لَيْتَهُمْ اقْتَصَرُوا عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ هَذِهِ الْمَفَاسِدِ لَكِنَّهُمْ زَادُوا عَلَى ذَلِكَ مَا هُوَ أَعْظَمُ وَأَشْنَعُ وَهُوَ خُرُوجُ الْحَرِيمِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الشَّرِيفَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ، وَهَذِهِ اللَّيْلَةُ فِيهَا زِيَادَةٌ كَثِيرَةٌ عَلَى غَيْرِهَا أَعْنِي كَثْرَةَ خُرُوجِهِنَّ إلَى الْقُبُورِ، وَمَعَ بَعْضِهِنَّ الدُّفُّ يَضْرِبْنَ بِهِ وَبَعْضُهُنَّ يُغَنِّينَ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ وَرُؤْيَتِهِمْ لَهُنَّ مُتَجَاهَرِينَ بِذَلِكَ لِقِلَّةِ حَيَائِهِنَّ وَقِلَّةِ مَنْ يُنْكِرُ عَلَيْهِنَّ، وَيَزْعُمْنَ أَنَّهُنَّ خَرَجْنَ لِلْعِبَادَةِ وَهِيَ زِيَارَةُ قُبُورِ الْأَوْلِيَاءِ، وَالْعُلَمَاءِ، وَالصُّلَحَاءِ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ بَعْضُ مَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ مِنْ الشُّبَّانِ، وَالرِّجَالِ فَيَجْتَمِعُونَ عَلَى مَا لَا يَنْبَغِي وَأَكْثَرُهُمْ مُخْتَلِطُونَ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضِ نِسَاءٌ وَشُبَّانٌ وَرِجَالٌ قَدْ رَفَعُوا جِلْبَابَ الْحَيَاءِ، وَالْوَقَارِ عَنْهُمْ عَلَى مَا قَدْ عُلِمَ كَأَنَّهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ مَعَ أَزْوَاجِهِنَّ، إذْ لَا فَرْقَ عِنْدَهُمْ فِي الْقُبُورِ بَيْنَ النِّسَاءِ، وَالرِّجَالِ أَعْنِي فِي كَشْفِ الْوُجُوهِ، وَالْأَطْرَافِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ عَوَائِدِهِمْ الرَّدِيئَةِ فَيَا لِلْعَجَبِ فِي انْكِشَافِهِنَّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الِاعْتِبَارِ، وَالتِّذْكَارِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، فَإِذَا رَجَعْنَ إلَى الْبَلَدِ يَرْجِعْنَ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ مِنْ كَشْفِ السُّتْرَةِ عَنْهُنَّ، فَإِذَا وَصَلْنَ إلَى الْبَلَدِ تَنَقَّبْنَ، إذْ ذَاكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>