مِنْ السَّمِيطِ وَبَعْضُ مَنْ يَحْتَرِزُ مِنْ أَكْلِ لَحْمِ السَّمِيطِ قَدْ يَقَعُ فِي هَذَا وَهُوَ لَا يَشْعُرُ ثُمَّ تَعَدَّى ذَلِكَ إلَى تَنْجِيسِ الْوِعَاءِ الَّذِي يُحْمَلُ فِيهِ إلَى الْبُيُوتِ وَغَيْرِهَا، وَكَذَلِكَ يَتَنَجَّسُ مَا يُطْبَخُ فِيهَا أَوْ يُؤْكَلُ فِيهَا فَظَهَرَ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ النَّجَاسَةَ كَالسُّمِّ لِسُرْعَةِ سَرَيَانِهَا. وَأَمَّا الرُّءُوسُ فَهِيَ جَائِزَةٌ إذَا سَلِمَتْ مِنْ كُلِّ مَا ذُكِرَ فِي السَّمِيطِ وَقَدْ جُمِعَتْ الْمَفَاسِدُ الَّتِي فِي السَّمِيطِ وَزَادَتْ عَلَيْهِ الْمَكْسُ الَّذِي اُخْتُصَّتْ بِهِ دُونَ السَّمِيطِ إذْ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى شِرَائِهَا مِنْ غَيْرِ الْمُكَّاسِ وَالْأَكَارِعُ كَذَلِكَ تَنْجِيسُهَا وَمَكْسُهَا كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا النَّقَانِقُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا شِرَاؤُهَا لِلْجَهَالَةِ بِمَا فِي بَاطِنِهَا. هَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنْ يَشُقَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ وَيَرَى دَاخِلَهَا كُلَّهَا وَعَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ إذَا رَأَى وَاحِدَةً مِنْهَا وَاطَّلَعَ عَلَى مَا فِي بَاطِنِهَا وَأَخَذَ الْبَاقِيَ عَلَى ذَلِكَ الْوَصْفِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَيْعِ الْخُشْكِنَانِ. هَذَا لَوْ سَلِمَتْ مِنْ الْمَكْسِ وَهِيَ الْآنَ مُمَكَّسَةٌ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا شِرَاؤُهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِهَا، وَهَذَا إنْ كَانَ بَيْعُهَا بَعْدَ نُضْجِهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ يَبِيعُهَا نِيئَةً وَيَزِنُهَا لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ يَأْخُذُهَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُ وَيَقْلِيهَا لَهُ فَذَلِكَ لَا يَجُوزُ. وَكَذَلِكَ مَا يَفْعَلُونَهُ فِي السَّمَكِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ وَزْنًا مَعْلُومًا وَإِنْ كَانَ مَقْلُوًّا بَعْضَ قَلْيٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ نِيئًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ كَذَلِكَ فَفِيهِمَا وُجُوهٌ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَلَاهُ لَهُ بَعْدَ وَزْنِهِ كَمَا تَقَدَّمَ لَا يَعْرِفُ كَمْ وَزْنُهُ بَعْدَ الْقَلْيِ فَهُوَ مَجْهُولٌ هَذَا وَجْهٌ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَى مِنْهُ الدُّهْنَ الَّذِي قَلَاهُ لَهُ بِهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ.
الثَّالِثُ: مَا أَوْقَدَ بِهِ تَحْتَهُ كَذَلِكَ مَجْهُولٌ.
الرَّابِعُ: أُجْرَةُ قَلْيِهِ مَجْهُولَةٌ.
الْخَامِسُ: أَنَّهُ مَجْهُولٌ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُمْ إنْ عَمِلُوا عَلَيْهِ الدَّقِيقَ كَثِيرًا لَمْ يُعْلَمْ كَمْ وَزْنُ الدَّقِيقِ وَلَا كَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute