وَزْنُ السَّمَكِ الَّذِي يُؤْخَذُ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَلَوْ قَلَاهُ لَهُ قَبْلَ الْوَزْنِ إذْ أَنَّ الْجَهَالَةَ مَوْجُودَةٌ فِيهِ قَبْلَ الْقَلْيِ وَبَعْدَهُ فَهَذِهِ خَمْسَةُ وُجُوهٍ مِنْ الْمَوَانِعِ فَكَيْفَ يُرْتَكَبُ ذَلِكَ. وَالتَّوَصُّلُ إلَى أَكْلِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْجَائِزِ شَرْعًا سَهْلٌ يَسِيرٌ بِأَنْ يُنْضِجَهُ الْبَائِعُ بِالْقَلْيِ وَهُوَ عَلَى مِلْكِهِ ثُمَّ يَبِيعَهُ لِلْمُشْتَرِي وَزْنًا أَوْ جِزَافًا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الدَّقِيقُ الَّذِي عَلَيْهِ يَسِيرًا مُحْتَاجًا إلَيْهِ.
وَأَمَّا الْكُبُودُ فَإِنْ سَلِمَتْ مِنْ الْمَكْسِ لَكَانَتْ جَائِزَةً وَهِيَ الْآنَ مُمَكَّسَةٌ فَيُمْنَعُ شِرَاؤُهَا. وَكَذَلِكَ يُمْنَعُ كُلُّ مَا هُوَ مُمَكَّسٌ وَيُسْتَغْنَى بِغَيْرِهِ عَنْهُ مِثْلَ النَّشَا وَالسِّمْسِمِ الْمَقْشُورِ وَلَحْمِ الْجَمَلِ وَلَحْمِ النَّعَامِ وَأَمَّا اللِّسَانُ الْبَلَدِيُّ وَالْقُدُورُ الْبَلَدِيَّةُ وَالْكِيزَانُ الْبِيضُ أَيْضًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ عُلِمَ فَكَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الشِّرَاءَ مِنْهُمْ إعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى الْمُحَرَّمِ الَّذِي ارْتَكَبُوهُ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مِنْهُمْ فَقَدْ اتَّصَفَ بِتَرْكِ التَّغْيِيرِ بِالْقَلْبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ وَقَدْ سَمِعْت سَيِّدِي أَبَا مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْقُلُ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ صُورَةَ الْمَكْسِ أَنْ يَحْتَكِرَ شَخْصٌ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ سِلْعَةً أَوْ سِلَعًا لَا يَبِيعُهَا أَحَدٌ غَيْرُهُ أَوْ غَيْرُهُمْ أَوْ مَنْ يَخْتَارُهُ أَوْ يَخْتَارُونَهُ وَإِنْ كَثُرُوا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَأْخُذُوا السِّلْعَةَ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ مِنْهُ، وَالظُّلْمُ هُوَ الَّذِي تَقَرَّرَ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ بَاعَ فَعَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَهَذَا لَا يُمْتَنَعُ مِنْ شِرَائِهِ وَلَا بَيْعِهِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ إعَانَةٌ انْتَهَى. وَفَّقَنَا اللَّهُ تَعَالَى لِمَا يُرْضِيهِ بِمَنِّهِ لَا رَبَّ سِوَاهُ.
وَأَمَّا الْمَنْفُوشُ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ إذَا اشْتَرَى الْفَطِيرَ عَلَى حِدَةٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَاللَّطُوخُ مِثْلُهُ. وَأَمَّا إنْ اشْتَرَاهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَيُمْنَعُ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنْ الْجَهَالَةِ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ مُخْتَلِفَانِ فِي ذَلِكَ فَالْمُشْتَرِي يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ اللَّطُوخِ أَكْثَرَ مِنْ فَطِيرِ الْمَنْفُوشِ وَالْبَائِعُ يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ فَطِيرِ الْمَنْفُوشِ أَكْثَرَ مِنْ اللَّطُوخِ، وَهَذَا مِنْ بَابِ بَيْعِ الْمُغَابَنَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْجَهَالَةِ بِالْوَزْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ كَمْ وَزْنُ الْفَطِيرِ وَلَا كَمْ وَزْنُ اللَّطُوخِ. وَالْبِيَاعَاتُ تَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مَكِيلٌ وَمَوْزُونٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute