للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَأْسِهِ، أَوْ فِي يَدِهِ مِنْ قَمْحٍ يَطْحَنُهُ، أَوْ عَجِينٍ يَخْبِزُهُ، أَوْ شِرَاءِ خُضْرَةٍ، أَوْ حَاجَةٍ مِنْ السُّوقِ، أَوْ حَصَادٍ لِزَرْعِهِ بِيَدِهِ، أَوْ غَسْلِ ثِيَابٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْحَوَائِجِ، وَلَهُ مِنْ الْهَيْبَةِ بِحَيْثُ لَا يَتَجَاسَرُ أَحَدٌ مِنْ الطَّلَبَةِ، أَوْ غَيْرِهِمْ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ فَالْخَيْرُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ بَاقٍ لِمَنْ أَرَادَهُ، وَتَحْصِيلُهُ مُمْكِنٌ، وَإِنَّمَا بَقِيَ التَّوْفِيقُ فَمَنْ وُفِّقَ، وَتَرَكَ الْعَوَائِدَ الرَّدِيئَةَ، وَالطَّبَائِعَ النَّفْسَانِيَّةَ، فَقَدْ أَرْشَدَ، وَجَاءَهُ الْعَوْنُ قَالَ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى طَائِفَةٌ بِالْمَغْرِبِ انْتَهَى.

مَعَ مَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أُمَّتِي كَالْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَيُّهُ أَنْفَعُ أَوَّلُهُ، أَوْ آخِرُهُ» ، أَوْ كَمَا قَالَ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَا يَقْطَعُ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ الْإِيَاسَ مِنْ هَذَا الْخَيْرِ الْعَظِيمِ فَإِنَّهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ بَاقٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَرَمِهِ، وَقَدْ رَأَيْت وَبَاشَرْت بَعْضَ طَلَبَةِ الْعِلْمِ بِالْمَغْرِبِ يَأْخُذُونَ الْمِسْحَاةَ، وَيَأْتُونَ إلَى مَوَاقِفِ الْبَنَّائِينَ، فَإِنْ حَصَلَ لَهُمْ سَبَبٌ مَشَوْا فِيهِ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ، وَإِلَّا رَجَعُوا إلَى الدَّرْسِ، وَالِاشْتِغَالِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَطُولُ ذِكْرُهُ فَالْحَاصِلُ مِنْ هَذَا أَنْ يَدْخُلَ الْمُتَعَلِّمُ إلَى تَعَلُّمِ الْعِلْمِ بِجِدٍّ، وَاجْتِهَادٍ، وَحُسْنِ نِيَّةٍ، وَتَرْكِ الِالْتِفَاتِ إلَى الْعَوَارِضِ، وَالْأَسْبَابِ، وَالْعَوَائِدِ الَّتِي اُنْتُحِلَتْ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ هَلْ يُقْدِمُ عَلَيْهَا، أَوْ يَتْرُكُهَا ثِقَةً بِهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا سَبَقَ

، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعَالِمِ أَنَّ مِنْ صِفَاتِهِ التَّوَاضُعَ لِمَنْ يُعَلِّمُهُ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَطْلُوبًا فِي الْعَالِمِ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى فِي الْمُتَعَلِّمِ الْمُحْتَاجِ إلَى التَّعْلِيمِ، فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ تَوَاضُعُهُ أَكْثَرَ حَتَّى لَوْ صَارَ أَرْضًا تُوطَأُ كَانَ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا هُوَ يَطْلُبُهُ؛ وَلِأَنَّ التَّوَاضُعَ يُقْبَلُ بِالْقُلُوبِ عَلَيْهِ، وَيُنَشِّطُ مَنْ يُعَلِّمُهُ لِتَعْلِيمِهِ، وَإِرْشَادِهِ، وَالتَّوَاضُعُ أَصْلُ كُلِّ خَيْرٍ، وَبَرَكَةُ كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا اتَّصَفَ الْمُتَعَلِّمُ بِمَا ذُكِرَ انْتَفَتْ عَنْهُ هَذِهِ الْمَفَاسِدُ الَّتِي عَمَّتْ بِهَا الْبَلْوَى فِي الْوَقْتِ مِنْ نَظَرِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي الْمَعْلُومِ، وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: كَيْفَ يَأْخُذُ فُلَانٌ كَذَا، وَكَذَا، وَأَنَا أَكْثَرُ مِنْهُ بَحْثًا، وَقَدْ حَفِظْت الْكِتَابَ

<<  <  ج: ص:  >  >>