الْفُلَانِيَّ، وَالْكِتَابَ الْفُلَانِيَّ، وَيَقَعُ بِسَبَبِ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ شَنَآنٌ، وَاتِّصَافٌ بِالْحَسَدِ، وَمَا شَاكَلَهُ.
وَخَرَجَ ذَلِكَ إلَى بَابِ الْأَسْبَابِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَوَقَعُوا بِسَبَبِهِ فِي الْوَعِيدِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ عَمِلَ مِنْ هَذِهِ الْأَعْمَالِ» إلَخْ أَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ بِمَنِّهِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الْمُتَعَلِّمَ لَا يَتَّصِفُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ إلَّا أَنْ يَبْنِيَ أَمْرَهُ عَلَى أَصْلٍ صَحِيحٍ إذْ أَنَّ الْبِنَاءَ إذَا طَلَعَ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَسَاسٍ صَحِيحٍ جَيِّدٍ يُعْمَلُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُبْنَى عَلَيْهِ.
وَالْأَسَاسُ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُبْتَدِي فِي هَذَا الْفَنِّ اتِّبَاعُ السَّلَفِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - فِيمَا أَخَذَ بِسَبِيلِهِ، وَكَانَتْ أَحْوَالُهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الْهَرَبَ مِنْ الدُّنْيَا، وَأَسْبَابِهَا، فَإِنْ فُتِحَ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ مِنْهَا قَالُوا: ذَنْبٌ عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ، وَإِنْ أَصَابَهُمْ ضِيقٌ سُرُّوا بِذَلِكَ، وَفَرِحُوا بِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ غَنِيمَتَهُمْ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ جَعَلَهُمْ اللَّهُ أَئِمَّةً يُقْتَدَى بِهِمْ، وَيُرْجَعُ إلَى أَقْوَالِهِمْ، وَأَحْوَالِهِمْ، وَقَدْ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَى مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا مَعْنَاهُ يَا مُوسَى إذَا رَأَيْت الدُّنْيَا أَقْبَلَتْ فَقُلْ: ذَنْبٌ عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ، وَإِذَا رَأَيْتهَا أَدْبَرَتْ فَقُلْ: أَهْلًا بِشِعَارِ الصَّالِحِينَ، وَقَدْ دَعَا مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَطَلَبَ مِنْ رَبِّهِ أَنْ يُغْنِيَهُ عَنْ النَّاسِ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ يَا مُوسَى أَمَا تُرِيدُ أَنْ أُعْتِقَ بِغَدَائِك رَقَبَةً مِنْ النَّارِ، وَبِعَشَائِك رَقَبَةً مِنْ النَّارِ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ قَالَ: هُوَ كَذَلِكَ، أَوْ كَمَا قَالَ فَكَانَ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَتَغَدَّى عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ، وَيَتَعَشَّى عِنْدَ آخَرَ، وَكَانَ ذَلِكَ رِفْعَةً فِي حَقِّهِ لِتَعَدِّي النَّفْعِ إلَى عِتْقِ مَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِعِتْقِ رَقَبَتِهِ مِنْ النَّارِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ كَانَ فِي السَّلَفِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - أَكَابِرُ لَهُمْ أَمْوَالٌ، وَأَسْبَابٌ فَالْجَوَابُ: أَنَّ اتِّخَاذَهُمْ الْأَمْوَالَ، وَالْعَمَلَ عَلَى الْأَسْبَابِ لَا يُمْنَعُ إذَا دَخَلَ فِيهَا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي عَدَمِ تَعَلُّقِ الْقَلْبِ بِهَا، إذْ أَنَّهُمْ كَانُوا فِيهَا سَوَاءٌ أَقْبَلَتْ، أَوْ أَدْبَرَتْ، فَإِنْ أَقْبَلَتْ قَابَلُوهَا بِالْإِيثَارِ، وَالْبَذْلِ لِلَّهِ، وَإِنْ أَدْبَرَتْ قَابَلُوهَا بِالصَّبْرِ، وَالرِّضَا، وَالتَّسْلِيمِ لِمَنْ الْأَمْرُ بِيَدِهِ، وَهِمَّتُهُمْ، وَبُغْيَتُهُمْ إنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute