الْعُلَمَاءِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي الْعَاقِدِ لِلنِّكَاحِ يَنْبَغِي أَنْ يَتُوبَ قَبْلَ الْعَقْدِ لِيَحْصُلَ الْعَقْدُ مِنْ تَائِبٍ فَتَكُونُ عَدَالَةُ الْوَلِيِّ حَاصِلَةً بِالتَّوْبَةِ الْوَاقِعَةِ إذْ ذَاكَ فَيَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْخِلَافِ الَّذِي فِي الْوَلِيِّ غَيْرِ الْعَدْلِ وَكَذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ بِسَبِيلِهِ يُحَصِّلُ التَّوْبَةَ؛ لِكَيْ يَتَّصِفَ بِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ لَعَلَّهُ يَدْخُلُ إذْ ذَاكَ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: ٢٢٢] .
وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ تَجْدِيدًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَوْبَتِهِ عِنْدَ الْوُضُوءِ فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ حِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَعَ بَابَ الْمَلِكِ بِالدُّخُولِ فِي مُنَاجَاتِهِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْ مَوْلَاهُ فِي صَلَاتِهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
فَهَذِهِ أَرْبَعٌ مُضَافَةٌ إلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ مِائَةً وَثَلَاثَةً وَسِتِّينَ مِنْ الْآدَابِ فَيَنْوِي ذَلِكَ كُلَّهُ فَمَا صَادَفَهُ بَادَرَ إلَى عَمَلِهِ وَمَا لَمْ يُصَادِفْهُ حَصَلَ لَهُ أَجْرُ النِّيَّةِ، وَهَذَا الَّذِي ذُكِرَ مِنْ الْعَدَدِ عَلَى جِهَةِ التَّقْصِيرِ فِي النَّظَرِ وَمَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ نُورًا وَتَأْيِيدًا وَتَوْفِيقًا يَرَى أَكْثَرَ مِمَّا ذُكِرَ وَيَعْلَمُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مَا هُوَ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ النُّورَ لَا يُشْبِهُ الظَّلَامَ، وَنَظَرُ الْعَالِمِ لَيْسَ كَنَظَرِ الْعَامِّيِّ، وَنَظَرُ الْعَامِلِ لَيْسَ كَنَظَرِ الْبَطَّالِ، وَنَظَرُ الْمُتَّبِعِ لَيْسَ كَنَظَرِ الْمُبْتَدِعِ فَإِذَا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الْفَضَائِلُ فِي الشَّخْصِ وَتَعَرَّى مِنْ هَذِهِ النَّقَائِصِ حَصَلَ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَأَيْنَ هَذَا مِمَّنْ خَرَجَ بِنِيَّةِ أَدَاءِ الصَّلَاةِ لَيْسَ إلَّا.
لَكِنْ بَقِيَ فِي هَذَا شَيْءٌ، وَهُوَ أَنَّ عُلَمَاءَنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَدْ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ اغْتَسَلَ لِلْجَنَابَةِ وَالْجُمُعَةِ هَلْ يُجْزِي عَنْهُمَا أَوْ لَا يُجْزِي أَوْ يُجْزِي عَنْ إحْدَاهُمَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مَشْهُورَةٍ: يُجْزِي عَنْهُمَا لَا يُجْزِي عَنْهُمَا يُجْزِي عَنْ الْجَنَابَةِ لَيْسَ إلَّا يُجْزِي عَنْ الْجُمُعَةِ لَيْسَ إلَّا وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ لِلْجَنَابَةِ وَيَقُولُ: أَرْجُو أَنْ يُجْزِيَنِي عَنْ غُسْلِ جُمُعَتِي أَعْنِي أَنَّهُ يَنْوِي بِذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِيهِ وَمَسْأَلَتُنَا مِثْلُهَا سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ فَيَنْوِي بِالصَّلَاةِ الْمَشْيَ إلَى أَدَاءِ فَرْضِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ نَفْسِهَا ثُمَّ يَقُولُ: وَأَرْجُو أَنْ يُجْزِيَنِي عَنْ كَذَا وَكَذَا فَيَتَعَدَّدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute