سَبِيلِي، وَإِيمَانًا بِي وَتَصْدِيقًا بِرَسُولِي فِي هَذَا حَضٌّ عَلَى النِّيَّةِ، وَتَخْلِيصِهَا مِنْ الشَّوَائِبِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْمَأْمُورُ بِهِ مِنْ النِّيَّةِ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، وَهِيَ الشَّهَادَتَانِ، وَعُلُوُّ الْمُسْتَمْسِكِ بِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ إذَا عَلَا بِالضَّرُورَةِ تَكُونُ الشَّهَادَتَانِ، وَشَرِيعَةُ الْإِسْلَامِ السُّفْلَى فَيَقْصِدُ بِالْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهِ هَذَا مُخْلِصًا، وَيَبِيعُ نَفْسَهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِالْجَنَّةِ الَّتِي وَعَدَهَا فِي الْقُرْآنِ أَوْ مَجْمُوعَ الْأَمْرَيْنِ ابْتِغَاءَ الْجَنَّةِ، وَعُلُوَّ الْكَلِمَتَيْنِ فَإِذَا صَحَّ قَصْدُهُ نَالَ مِنْ اللَّهِ مَا وَعَدَهُ.
وَقَوْلُهُ فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ قِيلَ مَعْنَاهُ مَضْمُونٌ.
وَقَوْلُهُ أَوْ أَرْجِعَهُ إلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ أَجْرٍ، وَغَنِيمَةٍ.
، وَالْكَلْمُ الْجُرْحُ، وَبِإِسْنَادِهِ إلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ إلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ» فِي هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى النِّيَّةِ.
وَمِنْهُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا، وَمَا فِيهَا» ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ «خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ.» الْغَدْوَةُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ السَّيْرُ إلَى الزَّوَالِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَالرَّوْحَةُ السَّيْرُ مِنْ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ مَرَّةً وَاحِدَةً.
فَالْمَعْنَى أَنَّ ثَوَابَ هَذِهِ الْغَدْوَةِ، وَالرَّوْحَةِ الْوَاحِدَةِ، وَفَضْلَهَا، وَنَعِيمَهَا عَلَى قِلَّتِهَا، وَيَسَارَتِهَا، وَخِفَّتِهَا خَيْرٌ مِنْ نَعِيمِ الدُّنْيَا كُلِّهَا عَلَى كَثْرَتِهَا فَإِنَّ نِعَمَ الدُّنْيَا زَائِلَةٌ فَانِيَةٌ، وَنِعَمَ الْآخِرَةِ دَائِمَةٌ بَاقِيَةٌ أَوْ الْمَعْنَى أَنَّ الدُّنْيَا لَوْ نَالَهَا مَلِكٌ بِأَسْرِهَا، وَأَنْفَقَهَا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ، وَأَجْرِهَا لَكَانَ جَزَاءُ هَذِهِ الْغَدْوَةِ، وَالرَّوْحَةِ أَكْثَرَ، وَفَضْلُهَا أَعْظَمَ، وَأَكْبَرَ.
وَمِنْ صَحِيحِ مُسْلِم مُتَّصِلًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ (يَا أَبَا سَعِيدٍ «مَنْ رَضِيَ بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ فَقَالَ أَعِدْهَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفَعَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute