الْعِبَادَةِ، وَيُعْطَى بِالْخَلْوَةِ تَذَكُّرَ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَإِحْسَانِهِ إلَيْهِ، وَطَلَبَ الشُّكْرِ، وَالزِّيَادَةِ مِنْ الطَّاعَةِ، وَيُعْطَى بِالْخَلْوَةِ وُجُودَ حَلَاوَةِ الْعَمَلِ، وَالنَّشَاطَ فِي الدُّعَاءِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ مِنْ الْقَلْبِ مَعَ تَضَرُّعٍ، وَاسْتِكَانَةٍ، وَيُعْطَى بِالْخَلْوَةِ الْقَنَاعَةَ، وَالتَّوَكُّلَ، وَالرِّضَا بِالْكَفَافِ لِلْعَفَافِ، وَالِاسْتِغْنَاءَ عَنْ الْمَخْلُوقِينَ، وَيُعْطَى بِالْخَلْوَةِ عُزُوبَ النَّفْسِ عَنْ الدُّنْيَا، وَشَهَوَاتِهَا، وَفِتْنَتِهَا، وَالشَّوْقَ إلَى لِقَاءِ اللَّهِ، وَمَخْرَجُ ذَلِكَ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِاَللَّهِ، وَخَوْفِ التَّقْصِيرِ فِي الْعَمَلِ، وَيُعْطَى بِالْخَلْوَةِ حَيَاةَ الْقَلْبِ، وَضِيَاءَ نُورِهِ، وَنَفَاذَ بَصَرِهِ فِي عُيُوبِ الدُّنْيَا، وَمَعْرِفَتِهِ بِالنَّقْصِ، وَالزِّيَادَةِ فِي دِينِهِ، وَيُعْطَى بِالْخَلْوَةِ الْإِنْصَافَ لِلنَّاسِ مِنْ نَفْسِهِ، وَيُعْطَى بِالْخَلْوَةِ خَوْفَ وُرُودِ الْفِتَنِ الَّتِي فِيهَا ذَهَابُ الدِّينِ، وَالِاشْتِيَاقَ إلَى الْمَوْتِ، وَالْأُنْسَ بِكَلَامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَهُوَ الْقُرْآنُ لِمَا قَدْ وَجَدَ مِنْ حَلَاوَةِ الْمُنَاجَاةِ فِي الْقُرْآنِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ نُورًا، وَشِفَاءً لِلْمُؤْمِنِينَ فَإِذَا الْتَبَسَ عَلَيْك هَذَا الطَّرِيقُ، وَاشْتَبَهَتْ عَلَيْك الْأُمُورُ فَقِفْ نَفْسَك عَلَى الْإِرَادَةِ مِنْ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، وَالتَّشْوِيقِ إلَى مَا نَدَبَ اللَّهُ إلَيْهِ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّك تَرْجِعُ بَصِيرًا مِنْ حِيرَتِك، وَعَالِمًا مِنْ جَهَالَتِك - وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ - وَانْظُرْ إلَى كُلِّ مَوْطِنٍ يَضْطَرُّك إلَى الصَّبْرِ فَاهْرَبْ مِنْهُ فَإِنَّك تَعْجِزُ عَنْ الْقِيَامِ بِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَك قَدَمٌ عَلَى مَحَجَّةِ دِينِ اللَّهِ، وَفِيك خَوْفَانِ: خَوْفُ الْفَقْرِ، وَخَوْفُ الْغِنَى، وَالثَّرْوَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِفْتَاحُ فَقْرِ الْأَبَدِ، وَخَوْفُك مِنْ السُّقُوطِ مِنْ أَعْيُنِ النَّاسِ هُوَ الَّذِي يُسْقِطُك مِنْ عَيْنِ اللَّهِ، وَيُنْسِيك حَظَّك مِنْهَا فَادْرَأْ ذَلِكَ عَنْك، وَاطْلُبْ التَّخَلُّصَ، وَهَيِّئْ لِذَلِكَ خَوْفَيْنِ: خَوْفَ أَنَّ مِثْلَك لَا يَسْتَأْهِلُ أَنْ يَبْلُغَ مَا يُؤَمِّلُ مِنْ الْآخِرَةِ فَإِنْ تَفَضَّلَ عَلَيْك رَبُّك بِبُلُوغِ أَمَلِك فَأَتْبِعْهُ الشُّكْرَ، وَلْتُحْضِرْهُ خَوْفًا شَدِيدًا؛ لِأَنَّك لَا تَقُومُ بِالشُّكْرِ لِمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْك كَمَا يَنْبَغِي فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ خِفْت عَلَيْك أَنَّ تُسْلَبَ النِّعْمَةَ فَتَرْجِعَ إلَى أَسْوَأِ حَالِكَ فَإِذَا أَلْزَمَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ هَذَيْنِ الْحَالَتَيْنِ، وَتَمَسَّك بِهِمَا رَجَوْت أَنْ يُؤَمِّنَهُ اللَّهُ - وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ -.
وَقَدْ رُوِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute