للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ خَافَ وَحَزِنَ وَلَمْ يَفْتُرْ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا ضَمِنَ لِعِبَادِهِ أَرْزَاقَهُمْ لَمْ يَشْغَلْهُ طَلَبُ الْمَضْمُونِ عَمَّا كُلِّفَ، وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا مَنْ انْقَطَعَ إلَيْهِ كَفَاهُ تَوَكَّلَ بِالْحَقِيقَةِ عَلَيْهِ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا لَا فَاعِلَ لِلْمَوْجُودَاتِ إلَّا هُوَ اقْتَصَرَ فِي كُلِّ مُرَامٍ إلَيْهِ، وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا رَقِيبًا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ اسْتَحَى مِنْهُ حَقَّ الْحَيَاءِ.

وَقَالَ: مَنْ نَظَرَ إلَى الدُّنْيَا بِعَيْنِ الْبَصِيرَةِ فَرَأَى تَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا وَانْزِعَاجِهِمْ عَنْهَا لَمْ يَطْمَئِنَّ إلَيْهَا، وَمَنْ نَظَرَ إلَى الْآخِرَةِ بِعَيْنِ الْبَصِيرَةِ فَتَخَيَّلَ نَعِيمَهَا وَعَذَابَهَا وَأَيْقَنَ أَنَّهُ وَفَدَ عَلَيْهَا عَمِلَ لَهَا.

وَقَالَ الْزَمْ الْفَضْلَ وَاتْرُكْ الْفُضُولَ وَاغْتَنِمْ وَقْتَكَ تَفُزْ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَبِمُلَازَمَةِ الْفَضْلِ تَنَالُ الشَّرَفَ وَبِتَرْكِ الْفُضُولِ تَنَالُ السَّلَامَةَ وَبِاغْتِنَامِ الْوَقْتِ تَنَالُ الرِّبْحَ وَفِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَجْمُوعُ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَقَالَ: لَيْسَ إلَّا عَيْشُ الدُّنْيَا، أَوْ عَيْشُ الْآخِرَةِ وَلَنْ يَجْتَمِعَا.

فَالْأَوَّلُ مَادَّتُهُ الْأَرْضِيَّاتُ، وَهُوَ عَيْشُ النَّفْسِ.

وَالثَّانِي مَادَّتُهُ الْعُلْوِيَّاتُ، وَهُوَ عَيْشُ الرُّوحِ، وَقَدْ عَلِمْتَ الْمَبْدَأَ، وَالْغَايَةَ فَاخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ وَالسَّلَامُ.

وَقَالَ: يَا هَذَا الْأَخْذُ بِالِاحْتِيَاطِ نَجَاةٌ وَلَا خَيْرَ فِي صُحْبَةِ غَيْرِ اللَّهِ.

وَقَالَ: مَا أَحَقَّكَ بِالنُّوحِ عَلَى نَفْسِكَ. مَا أَوْلَاكَ بِإِلْقَاءِ التُّرَابِ عَلَى رَأْسِكَ. مَا أَغْفَلَكَ عَمَّا حَلَّ بِكَ.

أَنَسِيتَ عَظَائِمَكَ. أَمْ أَمِنْتَ عِقَابَ رَبِّكَ بَادِرْ يَا مِسْكِينُ وَاحْذَرْ سَدَّ الْبَابِ وَقَطْعَ الْأَسْبَابِ.

وَاسْتَنْزِلْ بِكَفِّ الضَّرَاعَةِ رَحْمَةَ مَوْلَاكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ.

وَقَالَ: إذَا سَافَرْت فَالْتَزِمْ فِي الطَّرِيقِ مَعَ أَهْلِ الرُّفْقَةِ الصَّمْتَ وَلَا تَتَكَلَّمْ مَعَهُمْ إلَّا جَوَابًا يَسِيرًا مِنْ الْقَوْلِ لَفْظَةً أَوْ نَحْوَهَا. فَإِنْ سُئِلْتَ مِنْ أَيْنَ؟ فَقُلْ مِنْ أَرْضِ اللَّهِ. فَإِنْ قِيلَ لَكَ مَا شُغْلَكَ؟ فَقُلْ أَبْتَغِي فَضْلَ اللَّهِ. فَإِنْ قِيلَ لَكَ مَا اسْمُكَ؟ فَقُلْ عَبْدُ اللَّهِ.

فَإِنْ تَصَامَمْتَ لَهُمْ فَحَسَنٌ، وَإِذَا دَخَلْتَ بَلَدًا فَلَا تَصْحَبُهُ فِيهِ أَحَدًا صُحْبَةً تُوجِبُ عَلَيْكَ حَقًّا.

وَاحْسِمْ التَّعَارُفَ أَلْبَتَّةَ. وَافْتَقِرْ إلَى اللَّهِ فِي حَوَائِجِكَ فَإِنَّهُ لَا يُضَيِّعُكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ زَمَانَ صُحْبَةٍ وَلَا مُصَادَقَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ زَمَانُ الْوَحْشَةِ وَالْغُرْبَةِ وَالْفِرَارِ مِنْ النَّاسِ مَبْلَغَ الْوُسْعِ.

وَقَالَ: خُلُقَانِ لَا أَرْضَاهُمَا لِلْفَتَى: بَطَرُ الْغَنِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>