للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَذَلَّةُ الْفَقِيرُ. فَإِذَا غُنِيتَ فَلَا تَكُنْ بَطِرًا. وَإِذَا افْتَقَرْتَ فَتِهْ عَلَى الدَّهْرِ.

وَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الدُّنْيَا دَارُ بَلَاءٍ، وَالْبَلَاءُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ مِنْ التَّعَبِ، وَالْمَشَقَّاتِ كَفُرْقَةِ الْأَحْبَابِ وَذَهَابِ الْمَالِ وَأَذَى النَّاسِ، وَالْأَسْقَامِ، وَالْجُوعِ، وَالْعَطَشِ، وَالْقُمَّلِ وَالذُّبَابِ، وَالْعَقَارِبِ، وَالْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ وَفَقْدِ الْوَطَنِ، وَالْبَرْدِ، وَالْحَرِّ، وَالْعُرْيِ وَالشَّهَوَاتِ: كَشَهْوَةِ الْبَطْنِ، وَالْفَرْجِ إلَى غَيْرِ هَذَا مِمَّا لَا يَكَادُ يَنْحَصِرُ فَمَا وَقَعَ مِنْهُ فَلَا تُنْكِرْ وُقُوعَهُ فِي مَحِلِّهِ وَلَا تَسْتَغْرِبْهُ، وَإِنَّمَا الْمُسْتَغْرَبُ فِيهَا الْمَسَرَّاتُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَارٍ لَهَا وَلَا تُقَابِلْ شَيْئًا مِنْ الْبَلَاءِ إلَّا بِالصَّبْرِ وَتَوْطِينِ النَّفْسِ عَلَيْهَا مَتَى وَقَعَ مِنْهَا شَيْءٌ وَالِاسْتِعَانَةُ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - فِي زِيَادَةِ الْبَصِيرَةِ، وَالْإِمْدَادِ بِالْمَعْرِفَةِ.

وَقَالَ: مَنْ تَفَكَّرَ فِي أَمْسِهِ وَغَدِهِ غَنِمَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ يَوْمِهِ. وَقَالَ بِاَللَّهِ الْمُسْتَعَانُ وَاللُّجُوءُ إلَيْهِ عُنْوَانُ النَّجَاحِ. وَالْقُرْآنُ حَبْلُ الْعِصْمَةِ. وَالسُّنَّةُ طَرِيقُ السَّلَامَةِ. وَالْفِكْرَةُ مِفْتَاحُ الرُّشْدِ. وَالْهِمَمُ مُثِيرَاتُ الْعَزْمِ وَالتَّبَصُّرُ ثَمَرَةُ الصِّدْقِ وَالظَّفَرُ نَتِيجَةُ الصَّبْرِ. وَالِاسْتِغَاثَةُ دَرَجُ الْوُصُولِ. وَالتَّضَرُّعُ أَمَارَةُ التَّخَلُّصِ. وَالسَّحَرُ مَظِنَّةُ الْإِجَابَةِ. وَالْإِلْحَاحُ مُقَدِّمَةُ الْمَحَبَّةِ.

وَالتَّوَاضُعُ سُلَّمُ الشَّرَفِ. وَالسَّخَاءُ خُلُقُ الْإِيمَانِ. وَالزُّهْدُ شِعَارُ التَّقْوَى. وَالتَّوَكُّلُ حِرْفَةُ الْمَعْرِفَةِ. وَالتَّفْوِيضُ عَلَمُ السَّعَادَةِ. وَالْخَوْفُ أَثَرُ الْجَدِّ. وَالرَّجَاءُ إفَادَةُ الْجُهْدِ، وَرَحْمَةُ الْخُلُقِ دَلِيلُ الطَّهَارَةِ. وَاحْتِمَالُ الْأَذَى عَيْنُ الْفُتُوَّةِ، وَالْجَزَاءُ عَلَى الْإِسَاءَةِ بِالْإِحْسَانِ خُلُقُ النُّبُوَّةِ.

وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ بِالْحُضُورِ عَيْشُ الرُّوحِ وَمُخَالَفَةُ الْهَوَى قَتْلُ النَّفْسِ. وَذِكْرُ اللَّهِ رَأْسُ مَالِ الْعَابِدِينَ.

مَنْ تَرَكَ الشَّهَوَاتِ قَرَعَ الْبَابَ، وَمَنْ تَرَكَ الْحُظُوظَ رَفَعَ الْحِجَابَ. قِيَامُ اللَّيْلِ بُسْتَانُ الْعَارِفِينَ. الْأَحْوَالُ مَبْلَغُ الْقَوْمِ. مَنْ رَأَى لِنَفْسِهِ فَضْلًا عَلَى شَيْءٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ - تَعَالَى - حَتَّى الْكِلَابِ فَهُوَ أَحَدُ الْفَرَاعِنَةِ السَّلْوُ عَنْ الْمَتْرُوكِ عَلَى قَدْرِ الْمَعْرِفَةِ بِالْمَطْلُوبِ. مَنْ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فَهِيَ عَلَى غَيْرِهِ أَهْوَنُ، وَمَنْ صَحِبَ التَّسْوِيفَ أَدَّاهُ إلَى الْفَوْتِ. وَمَنْ فَاتَهُ مَوْلَاهُ غَرِقَ فِي بَحْرِ الْيَأْسِ، الدُّنْيَا سَلَامَتُهَا غَرَرٌ. وَلَذَّاتُهَا قَذَرٌ.

قَالَ الشَّاعِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>